اصدارات

في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. حصاد انتهاكات الصحافة والصحفيين في عام: حتى لا تصير الكلمة في قفص الاتهام

يحتفل العالم في الثالث من مايو من كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة، وهو يوم حددته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو، لتحيي عبره ذكرى اعتماد إعلان ويندهوك التاريخي خلال اجتماع للصحفيين الأفارقة في ناميبيا في 3 مايو 1991.
ونص الإعلان على أنه لا يمكن تحقيق حرية الصحافة إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرة ومستقلة وقائمة على التعددية باعتبارها شرطا مسبقا لضمان أمن الصحفيين أثناء تأدية مهامهم. وخصصت الأمم المتحدة هذا اليوم للاحتفاء بالمبادئ الأساسية، وتقيييم حال الصحافة في العالم.
وبالرغم من وجود بنود في دستور جمهورية مصر العربية تضمن حرية الرأي والتعبير فإنها لم تخرج عن إطارها الشكلي إلى حيز التطبيق، فهناك انتهاكات لا حصر لها تقع على هذه الحرية وبأشكال وصور مختلفة، حيث تتعرض حرية التعبير والصحافة والطباعة والنشر والتوزيع لانتهاكات سواء من خلال تشريعات جائرة تتناقض مع مبادئ الشرعة الدولية، أومن خلال عدم تطبيق تشريعات تنص على احترام هذه الحريات.
علاوة على ذلك استمرار السلطات في ممارسة الحجب والرقابة على الإنترنت على نطاق واسع حيث حجبت الدولة نحو أكثر من 600 موقع منذ صيف 2017 وحتى الآن، منها مواقع مصرية محلية وأخرى عربية.
وهناك جملة من القوانين المقيدة لحرية الرأي و التعبير بصفة عامة وحرية الصحافة بصفة خاصة، ومنها على سبيل المثال: قانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والاعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الاعلام ، وقانون المطبوعات رقم 20 لسنة 1936، والقانون رقم 121 لسنة 1975 الخاص بحظر استعمال أو نشر الوثائق الرسمية ، وغيرها من القوانين .
وعقب صدور القانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والاعلام أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، القرار رقم (16) لسنة 2019، بشأن إصدار لائحة الجزاءات والتدابير التي يجوز توقيعها على الجهات الخاضعة لأحكام قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الصادر بالقانون رقم (180) لسنة 2018.
وأثارت اللائحة جدلاً، حيث تعطي المادّة (5 ) من اللائحة الحقّ للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام منع نشر المادّة الإعلاميّة في حالة مخالفتها للقانون واللوائح. والمادّة (6 ) من اللائحة تعطي المجلس الحقّ في حجب الموقع الإلكترونيّ وسحب تراخيص مزاولة البثّ الفضائيّ من الوسيلة الإعلاميّة في حالة بثّ مادّة إعلاميّة سبق وأقرّ المجلس منعها، إضافة إلى غرامات تصل إلى 250 ألف جنيه حال المخالفات الإعلاميّة، و5 ملايين جنيه إذا تمّ الاعتداء على حقوق الملكيّة الفكريّة، وفق المادّة 26 من اللائحة.
وتصنف مصرمن أسوأ الدول في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود. فقد جاءت مصر في 2020 في المركز رقم 166 عالميًا من أصل 179 دولة، وفي 2019 كانت في المركز 163.
وحسب تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، فإن مصر من أسوأ ثلاث دول في ملف حبس الصحفيين علي مستوى العالم.
ووفقا لتقرير اللجنة الدولية لحماية الصحفيين الدولية عام 2019، تعد مصر من ضمن البلدان التي تسجن أكبر عدد من الصحفيين في العالم.
وقالت اللجنة الدولية لحماية الصحفيين في 15 ديسمبر2020 إن عدد الصحفيين السجناء في العالم بلغ ذروة جديدة في عام 2020. وتعد الصين وتركيا ومصر هم الأعلى ترتيبا في حبس الصحفيين، حيث بلغ عدد الصحفيين المحبوسين في الصين 47 صحفيا وفي تركيا 37 وفي مصر 27.
وعلى خلفية الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة مع انتشار فيروس كورونا “كوفيد-19″، تم اعتقال عدد كبيرمن الصحفيين سواء أثناء ممارسة عملهم أو لمجرد كتابة منشور على صفحاتهم الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.

اعتقال الصحفيين
في 20 مايو 2020 ، تم اعتقال الصحفية شيماء سامي، في منزلها بالإسكندرية، عقب نشرها مقالاً بموقع “درب” بتاريخ 28 أبريل 2020 انتقدت فيه الاحتجاز المطوّل السابق للمحاكمة للمعتقلين السياسيين، ظلت مختفية لمدة 10 أيام، ولم تكشف السلطات عن مكان وجودها أو أي تهم ضدها.
وفي 30 مايو 2020، قررت نيابة أمن الدولة العليا، حبسها في القضية رقم 535 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، بتهم مشاركة جماعة إرهابية ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة واستخدام حساب على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي بغرض نشر وإذاعة الأخبار الكاذبة.
وفي 17 يناير2021 أمرت ـمحكمة الجنايات، إخلاء سبيل شيماء سامي، و6 آخرين المحبوسين احتياطيًّا على ذمة تحقيقات القضية، وتم ترحيلها الى مديرية أمن الاسكندرية واحتجازها دون وجه حق حتى تم عرضها مرة أخرى على نيابة أمن الدولة بتاريخ 30 يناير 2021 والتحقيق معها في قضية جديدة رقم 65 لسنة 2021 حصر أمن دولة بتهمة الانضمام الى جماعة ارهابية.
في 28 مايو2020، ألقي القبض على الصحفي مدحت رمضان من منزله بمحافظة المنوفية وظل رهن الاختفاء لمدة شهر حتى ظهر داخل نيابة أمن الدولة العليا بتاريخ 27 يونيو 2020 وتم التحقيق معه في القضية رقم 680 لسنة 2020 حصر أمن دولة، بتهمة الانضمام إلى جماعة ارهابية ونشر أخبار وبيانات كاذبة واساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي .
في 30 أغسطس 2020 ألقت قوات الأمن القبض على الصحفي السيد شحتة، مدير تحرير الموقع الإلكتروني لليوم السابع، رغم إصابته بكورونا ودخوله في عزل صحي في منزله. ثم تم حبسه احتياطيا من نيابة أمن الدولة على ذمة القضية رقم 864 لسنة 2020 حصر أمن دولة باتهامات مشاركة جماعة ارهابية في تحقيق أغراضها، إساءة استخدام حساب على شبكة المعلومات الدولية، نشر أخبار وبيانات كاذبة.
في 26 سبتمبر 2020، ألقي القبض على محمد هاني علي جريشة عضو نقابة الصحفيين، ومدير تحرير موقع “سوبر كرة”- أحد إصدارات اليوم السابع- وتم الاستيلاء على الأجهزة الخاصة به، بما فيها حاسوب العمل. تم حبسه على ذمة القضية ٨٦٤ لسنة ٢٠٢٠ حصر أمن دولة، بنفس التهم التي وجهت لزملائه السابقين.
في 18 نوفمبر 2020 اعتقل حسين علي أحمد كريم، مدقق لغوي وتمت مصادرة هاتفه المحمول وجهاز الكمبيوتر الخاص به. بتهمة الانتماء إلى جماعة محظورة في القضية رقم 26 لسنة 2021.

التدوير:
أيضا استمرت السلطة في استخدام نمط التدوير، وخلال الفترة الأخيرة تعرض عدد من الصحفيين للتدوير على ذمة قضايا جديدة سواء أثناء حبسهم أو إخلاء سبيلهم.
ومن الصحفيين الذين تعرضوا للتدوير أثناء حبسهم : “سولافة مجدي وإسراء عبد الفتاح”، حيث تم إحضارهن من محبسهن للتحقيق معهم على ذمة قضية جديدة رقم 855 لسنة 2020 حصر أمن دولة، انتهى التحقيق بحبسهن على ذمتها. لكن سولافة حصلت على إخلاء سبيل هي وزوجها مؤخرا.
الصحفيان “مصطفى الأعصر، ومعتز ودنان”، تعرضا للتدوير بعد إخلاء سبيلهم . ففي نهاية مايو حصل الأعصر وودنان على إخلاء سبيل في القضية 441 لسنة 2018. وبعد 3 أيام من إخلاء سبيلهما، فوجيء بتدويرهما على ذمة قضية جديدة رقم 1898 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا.
أيضا المدون محمد أكسجين تعرض للتدوير بعد إخلاء سبيله، في 5 نوفمبر 2020، حصل على إخلاء سبيل بتدابير احترازية على ذمة القضية رقم 1356 لسنة 2019. ظل مختفيا نحو أسبوع ليظهر على ذمة القضية 855 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا.
الصحفي محمد سعيد فهمي، تعرض للاعتقال يوم 31 مايو 2018، أُخفيَ قسريًا 45 يوما في جهاز أمن الدولة بالشيخ زايد، ثم ظهر بعدها على ذمة القضية 441 لسنه 2018، وبعد عامين من الحبس الاحتياطي تم إخلاء سبيله يوم 15 يوليو عام 2020.
بعد أسبوع من إخلاء سبيله أُخفِيَ قسريا يوم 24 يوليو 2020، لمدة 4 أشهر في أمن الدولة بالشيخ زايد. يوم 18 نوفمبر الماضي، ظهر في النيابة العامة على ذمة القضية 2727 لعام 2020، وفي 1 ديسمبر الماضي حصل على إخلاء سبيل بكفالة 5000 جنيهًا.
بعد شهر ونصف من الاحتجاز في قسم العجوزة تم تدويره للمرة الثالثة، ففي يوم 16 يناير 2021 تم إدراج اسمه على قضية 955 لعام 2020 نيابة أمن الدولة العليا.
في القضايا الثلاث واجه سعيد تهم نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون.
حبس رؤساء التحرير:
التضييق على الصحفيين طال أيضا رؤساء التحرير بالمواقع الإلكترونية، مثلما حدث مع الصحفيتين لينا عطا الله ونورا يونس.
في 17 مايو 2020، حققت نيابة المعادي مع لينا عطا الله رئيس تحرير موقع “مدى مصر”، بعد القبض عليها من أمام مجمع سجون طرة، حيث كانت تجري مقابلة مع ليلى سويف، والدة الناشط المحبوس علاء عبد الفتاح. بعد ساعات من القبض عليها، أمرت النيابة بإخلاء سبيلها بكفالة 2000 جنيه.
وفي 19 ديسمبر 2020 اعتقلت قوات الأمن بمحافظة القاهرة الكاتب الصحفي ” عامر عبد المنعم ” _رئيس تحرير جريدة الشعب الإلكترونية_ من منزله ثم ظهوره في نيابة أمن الدولة العليا، وتم حبسه على ذمة القضية 1017 لسنة 2020 أمن دولة بتهمة “نشر أخبار كاذبة ومشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها”.
في 24 يونيو 2020، داهمت قوات من الأمن موقع “المنصة”، قالت إنها من المصنفات – بحسب بيان الموقع آنذاك- فتشوا جميع أجهزة الكمبيوتر الموجودة به، واطلعوا على الرخص القانونية لجميع الأجهزة التي تعمل بنظام ويندوز. وبعدها تم إلقاء القبض على نورا يونس رئيس تحرير الموقع وغادروا إلى جهة غير معلومة.
وفي اليوم التالي، تم عرضها على نيابة المعادي للتحقيق معها في القضية رقم ٩٤٥٥ لسنة ٢٠٢٠ جنح المعادي، بتهمة إدارة حساب على شبكة الإنترنت بقصد تسهيل ارتكاب جريمة من جرائم الإنترنت، وإدارة موقع بدون ترخيص بالمخالفة لقانون الاتصالات. وبعد ساعات من التحقيقات، قررت النيابة إخلاء سبيلها، بكفالة 10 آلاف جنيها.

2021 امتداد لعام 2020
في 5 يناير 2021 ألقي القبض على الصحفي حمدي مختار – وشهرته “حمدي الزعيم” وتم اقتياده إلى جهة غير معلومة، وفي يوم 6 يناير ظهر عليه أعراض الاشتباه في الاصابة بـ كورونا وتم ترحيله إلي مستشفى عزل في منطقة العباسية.
ظهر بنيابة أمن الدولة يوم 16 يناير 2021 على ذمة القضية 955 لسنة 2020، بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، نشر أخبار وبيانات كاذبة، استخدام حساب على شبكة المعلومات الدولية لنشر أخبار كاذبة.
ويعاني حمدي من مرض السكر، وعدة انزلاقات في العمود الفقري، وهو ما أثبته أثناء تحقيق النيابة معه.
في 6 يناير2021 ألقي القبض على أحمد محمد خليفة الصحفي بموقع “مصر 360” وتم التحقيق معه يوم 19 من يناير من قِبل نيابة أمن الدولة العليا في القضية رقم 65 لسنة 2021 حصر أمن دولة عليا. ووجهت له اتهامات رسمية بالانضمام لجماعة إرهابية، ونشر أخبار وبيانات كاذبة، وذلك عن طريق سوء استخدام حساب خاص بمواقع التواصل الاجتماعى.
في 23 فبراير 2021 تم اعتقال الكاتب الصحفي جمال الجمل عقب عودته من اسطنبول وإخفائه قسريا – بحسب مانشره نجله على صفحته بفيسبوك- لكنه لم يخرج من المطار وألقي القبض عليه واقتياده إلى جهة مجهولة حتى ظهر بتاريخ 28 فبراير 2021 داخل نيابة أمن الدولة، والتحقيق معه في القضية رقم 977 لسنة 2017 حصر أمن دولة المعروفة إعلاميا بقضية “مكملين2”.
ووجهت النيابة للجمل اتهامات الانضمام الى جماعة ارهابية ونشر أخبار وبيانات كاذبة وقررت حبسه احتياطيا. ومؤخرا، قررت السلطات الأمنية الأردنية ترحيل الصحفي حسن البنا، في 18 أبريل 2021، إلى مصر رغم خروجه بطريقة رسمية من مطار القاهرة في اليوم السابق من ترحيله.
وكان حسن قد تم اعتقاله يوم 4 فبراير 2018 ومكث في المعتقل قرابة عامين ونصف، على ذمة القضية 441 لسنة 2019، وحصل على إخلاء سبيل منها في نهاية شهر مايو الماضي. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى