منظمات غير حكومية تُعرب عن مخاوفها بشأن مئات الأجانب المعرّضين لخطر الإعدام الوشيك في السعوديّة
#بيان_مشترك

يونيو 17, 2025
نعرب نحن، المنظمات الموقعة أدناه، عن بالغ قلقنا على حياة مئات السجناء المهددين بالإعدام الوشيك في السعوديّة، على خلفيّة جرائم تتعلق بالمخدرات غير المميتة. بينهم عشرات المواطنين المصريين والإثيوبيين والصوماليين. يعيش هؤلاء الرجال في حالة من الرعب وسط تصاعد كبير في إصدار وتنفيذ أحكام عمليات الإعدام المرتبطة بهذه الجرائم خلال الأشهر الأخيرة. ووفقًا لبيانات وكالة الأنباء السعوديّة، فقد تم بالفعل تنفيذ حكم الإعدام بحق 98 رجلاً في عام 2025 بسبب جرائم متعلقة بالمخدرات.
يقبع ما لا يقل عن 37 مواطنًا إثيوبيًا و27 مواطنًا صوماليًا، جميعهم من الرجال، في سجن نجران جنوبي غرب السعوديّة، ويواجهون أحكامًا بالإعدام على خلفيّة جرائم تتعلق بالمخدرات. وأعلن عن تنفيذ حكم الإعدام بحق 19 صوماليًا و7 إثيوبيين منذ بداية العام، جميعهم بتهمة “تهريب الحشيش”. وخلال شهر يونيو وحده، أُعدم إلى الآن 12 مواطنًا صوماليًا، إضافة إلى ثلاثة مواطنين إثيوبيين في 16 يونيو. فيما يعيش باقي السجناء في حالة رعب دائم خشية أن يتم تنفيذ أحكام الإعدام في أي لحظة. ويُعتقد أن مئات آخرين محتجزون في السجن نفسه بانتظار صدور الأحكام بحقهم، وقد قضى العديد منهم سنوات رهن الاحتجاز.
وبالمثل، يقبع ما لا يقل عن 26 مواطنًا مصريًا، جميعهم من الرجال، في سجن تبوك شمال غرب السعوديّة، وهم محكومون بالإعدام على خلفيّة جرائم تتعلق بالمخدرات. ونُفِّذ حكم الإعدام بحق ما لا يقل عن ثلاثة مصريين هذا العام على خلفيّة هذه التهم، من بينهم محمود محمد خميس وفرحات أبو السعود، اللذان أُعدما في 24 و25 مايو على التوالي. وقد أُبلغ عدد من السجناء الآخرين بأن أحكام الإعدام الصادرة بحقهم سوف تُنفَّذ بعد عيد الأضحى، الذي انتهى في 10 يونيو.
ودعا المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفيّة، السلطات السعوديّة إلى الوقف الفوري لعمليات الإعدام، وإلغاء عقوبة الإعدام في قضايا المخدرات. وقال في بيانه: “إن أي خروقات لضمانات المحاكمة العادلة تؤدي إلى فرض عقوبة الإعدام تجعل هذه العقوبة تعسفيّة وغير قانونية”.
وتفيد التقارير بأن بعض المواطنين المصريين والإثيوبيين والصوماليين المحكومين حاليًا بالإعدام على خلفيّة جرائم تتعلق بالمخدرات قد يكونون من ضحايا الاتجار بالبشر، حيث أُجبروا أو خُدعوا لنقل مواد محظورة تحت التهديد أو بناءً على وعود زائفة. ومع ذلك، لم يُمنح معظمهم الفرصة للدفاع عن براءتهم أمام المحكمة.
وعلى الرغم من انعدام الشفافية في النظام القضائي في السعوديّة، تؤكد منظمات حقوق الإنسان، التي حصلت على وثائق قضائيّة وشهادات مباشرة وجود نمط ممنهج من الانتهاكات التي يتعرض لها الأفراد خلال مراحل الاعتقال والاحتجاز والمحاكمة. وتشمل هذه الانتهاكات، حرمانهم من الحصول على الدعم والتمثيل القنصلي، وعدم قدرتهم على تقديم دفاع قانوني مناسب أو الاستئناف، إضافةً إلى عدم تمكينهم من الوصول إلى الوثائق القضائيّة أو الحصول على تمثيل قانوني فعّال.
علاوةً على ذلك، كثيرًا ما يتعرض المتهمون للتعذيب أو سوء المعاملة أثناء الاستجواب وخلال فترة الاحتجاز، وتعتمد المحاكم بشكلٍ كبير على “اعترافات” منتزعة تحت وطأة التعذيب. وتشكل هذه الانتهاكات خرقًا للقوانين السعوديّة نفسها، فضلاً عن خرقها التزامات المملكة بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والميثاق العربي لحقوق الإنسان.
تجدر الإشارة أيضًا إلى أنه في السعوديّة، لا تقتصر قسوة الإعدام فيها على فعل التنفيذ ذاته، بل تمتد لتشمل معاناة الأسر، التي غالبًا ما تُحرم من فرصة توديع أحبّائها أو حتى من معرفة موعد تنفيذ الحكم، إذ كثيرًا ما تتلقّى نبأ الإعدام لأول مرة عبر وسائل الإعلام. كما أن السلطات السعوديّة لا تُعيد جثامين من تُنفّذ بحقهم أحكام الإعدام، ولا تُبلغ عائلاتهم بمكان الدفن، مما يزيد من فداحة القسوة والانتهاك.
وتعيش أسر السجناء المحكومين بالإعدام في الوقت الراهن في حالة من الخوف الشديد من تنفيذ الأحكام في أية لحظة، في ظل الارتفاع الصادم في وتيرة عمليات الإعدام داخل السعوديّة. فقد أفادت وكالة الأنباء السعوديّة الرسمية بأنه تم تنفيذ أحكام الإعدام بحق 154 شخصًا خلال عام 2025 وحده (حتى تاريخ 17 يونيو)، أي بزيادة تتجاوز 80% مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024، وهو العام الذي سجّل أعلى عدد من عمليات الإعدام في تاريخ المملكة، بواقع 345 حالة.
ومن بين هؤلاء الـ 154 شخصًا، تم تنفيذ حكم الإعدام بحق 98 منهم على خلفيّة جرائم تتعلق بالمخدرات، وجميعها استنادًا إلى أحكام تعزيرية (أي وفقًا لتقدير القاضي)، وكان من بين هؤلاء 69 مواطنًا أجنبيًا ينتمون إلى 11 دولة آسيوية وإفريقية، وهي: الصومال (19)، باكستان (12)، إثيوبيا (7)، الأردن (6)، إيران (6)، أفغانستان (5)، سوريا (5)، نيجيريا (4)، مصر (3)، السودان (1)، والهند (1).
فبين عامي 2010 و2021، نفذت السعوديّة أحكام الإعدام بحق أجانب في قضايا تتعلق بالمخدرات بما يقارب ثلاثة أضعاف عدد المواطنين السعوديّين الذين أُعدموا على خلفيّة التهم نفسها. وقد أعربت لجنة القضاء على التمييز العنصري، منذ عام 2018، عن قلقها إزاء العدد غير المتناسب من الأجانب المحكوم عليهم بالإعدام في السعوديّة.
إن تنفيذ أحكام الإعدام في جرائم تتعلق بالمخدرات غير المميتة يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يحظر تطبيق عقوبة الإعدام في القضايا التي لا ترقى إلى مستوى “أخطر الجرائم”، وهو معيار يُقيَّد بالجرائم التي تنطوي على القتل العمد. وكانت السعوديّة قد أعلنت وقفًا مؤقتًا لتنفيذ عمليات الإعدام في قضايا المخدرات استمر من يناير 2021 حتى نوفمبر 2022، إلا أن هذا التعليق لم يُترجم إلى تغيير رسمي أو دائم في السياسة.
لطالما كانت السعوديّة، ولسنوات طويلة، من بين الدول التي تسجل أعلى معدلات تنفيذ أحكام الإعدام في العالم. فعلى الرغم من تعهّد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في عام 2018 بخفض استخدام عقوبة الإعدام، إلا أن وتيرة تنفيذها واصلت الارتفاع بشكل كبير، باستثناء فترة هدوء نسبي خلال جائحة فيروس كورونا. وحتى في مارس 2022، كرّر محمد بن سلمان التزامه بحصر تنفيذ عمليات الإعدام في جرائم القتل العمد فقط، إلا أن السنوات اللاحقة شهدت أرقامًا قياسية في عدد الأشخاص الذين نُفذت بحقهم أحكام الإعدام، كثير منهم على خلفيّة جرائم غير مميتة. وفي ظل غياب الشفافية، وتنفيذ بعض الإعدامات سرًا، قد تكون الأرقام الحقيقية أعلى مما يُعلن. فعلى سبيل المثال، في عام 2022، لم تُنشر بيانات 49 حالة من أصل 196 عملية إعدام عبر القنوات الرسمية المعتادة لوكالة الأنباء السعوديّة.
وفي ظل الحجم المقلق الذي تُنفّذ به أحكام الإعدام في السعوديّة، وحالة الرعب التي يعيشها المحكومون في قضايا تتعلق بالمخدرات، فإن المنظّمات الموقّعة أدناه تحثُ السلطات السعوديّة على الفور بما يلي:
· تخفيف أحكام الإعدام الصادرة بحق جميع الأفراد المحكومين في قضايا لا ترقى إلى مستوى “أخطر الجرائم” كما يحدده القانون الدولي؛
· إعلان وقف رسمي لتنفيذ أحكام الإعدام، تمهيدًا لإلغاء العقوبة بشكل كامل في جميع الجرائم؛
· وإلى حين الإلغاء الكامل لعقوبة الإعدام، العمل على إزالة جميع الأحكام القانونية التي تنص على تطبيقها في جرائم لا تستوفي معيار “أخطر الجرائم”، لما تمثله من انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
المنظّمات الموقّعة:
1. الأكاديمية الدبلوماسية الإفريقية
2. القسط لحقوق الإنسان
3. تحالف المدافعين عن حقوق الإنسان الصوماليين
4. الديمقراطية الآن للعالم العربي
5. التركيز على عقوبة الإعدام
6. جمعية معًا لمناهضة عقوبة الإعدام
7. المفوضية المصرية للحقوق والحريات
8. الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
9. المنبر المصري لحقوق الإنسان
10. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
11. المنظّمة الأوروبيّة السعوديّة لحقوق الإنسان
12. فير سكوير
13. التحالف الألماني لإلغاء عقوبة الإعدام
14. مركز الخليج لحقوق الإنسان
15. وكالة أنباء هورن أفريك لحقوق الإنسان
16. مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس”
17. مؤسسة دعم القانون والديمقراطية
18. منّا لحقوق الإنسان
19. مركز الشرق الأوسط للديمقراطيّة
20. رابطة إعلاميي بونتلاند
21. رابطة الصحفيات في بونتلاند
22. منصة اللاجئين في مصر
23. ريبريف
24. سيناء لحقوق الإنسان
25. منتدى المجتمع المدني الصومالي
26. صوت الشتات الصومالي
27. الشبكة الصومالية لتمكين المعوقين
28. نقابة الصحفيين الصوماليين
29. رابطة المحاميات في أرض الصومال
30. شبكة مدافعي حقوق الإنسان في ولاية جنوب غرب الصومال
31. مجموعة العمل للعدالة الانتقالية
32. حركة النساء من أجل حقوق الإنسان