“المفوضية المصرية” تطالب بفتح المجال أمام جميع الأصوات المختلفة وإعادة النظر في القوانين المنظمة للإعلام
.
بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة٬ تنشر المفوضية المصرية للحقوق والحريات رصد لأوضاع الصحافة والإعلام خلال العام المنصرم.
وفقًا للمادة 70 من الدستور المصري الذي يؤكد على حرية الصحافة: “حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني مكفولة، وللمصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية، عامة أو خاصة، حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائط الإعلام الرقمي. وتصدر الصحف بمجرد الإخطار على النحو الذي ينظمه القانون”.
شهد النصف الثاني من ٢٠٢٤ والأول من ٢٠٢٥ العديد من الانتهاكات والتضييق على حرية الصحافة والإعلام٬ تمثلت الانتهاكات في حبس عدد من الصحفيين والكتاب وأصحاب الرأي. بجانب بعض التضييقات الأخرى التي جاءت على شكل استهداف دور نشر باقتحامها أو منع إصدار بعض الكتب، بالإضافة إلى قرارات بحجب مواقع.
واحتلت مصر المركز 170 في تصنيف مؤشر حرية الصحافة لعام 2024، والذي تصدره منظمة “مراسلون بلا حدود” ويقيم حالة حرية الصحافة في 180 دولة ومنطقة سنوياً، وهو ما يعد تراجعا في الترتيب عن العام الماضي، والذي سجلت فيه مصر الترتيب رقم 166.
حجب المواقع
ويعد حجب المواقع من الانتهاكات المستمرة والتي تهدد بيئة عمل الصحفي، وكان آخرها موقع “زاوية ثالثة”، الذي تعرض للحجب في 20 فبراير 2025. وكان القائمون على موقع “زاوية ثالثة” قد أعلنوا تعرض الموقع للحجب، بعد تلقيهم شكاوى متفرقة من بعض المستخدمين بمواجهتهم صعوبة في الوصول إلى الموقع. وتأكد القائمون على الموقع، من حجبه، وأنه لا يوجد أي خطأ تقني، بل قرار اتخذ بالحجب من قبل جهة مجهولة، بحسب بيان إدارة الموقع.
وبدأ حجب المواقع المصرية عام 2017، بعضها مواقع إخبارية وأخرى مستقلة أو تابعة لمنظمات حقوقية، فيما تصاعدت الحملة خلال الأسابيع الأولى من عملية الحجب لتصل إلى أكثر من 600 موقع. وغالبية هذه المواقع اتخذت إجراءات ضد الحجب تقديم شكاوى للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام باعتباره المسؤول عن المواقع الإلكترونية، أو إجراءات قضائية أخرى.
تجديد حبس
وفي الوقت الذي تستمر فيه السلطات بحجب المواقع حتى وقتنا الحالي مما يهدد أمان الصحفي، لازال هناك أكثر من 23 صحفيًا نقابيًا وغير نقابي محبوسين احتياطيا، بعضهم تجاوز فترات الحبس الاحتياطي عامين كاملين.
ومن الصحفيين الذين لا زال يتم تجديد حبسهم، يحيى السيد عثمان نائب مدير إدارة تكنولوجيا المعلومات بجريدة الأخبار. وكان قد ألقي القبض عليه، في أول نوفمبر 2022، وهو محبوس على ذمة القضية 1893 لسنة 2022 حصر أمن دولة عليا. ويواجه اتهامات بنشر أخبار كاذبة، والانتماء لجماعة إرهابية.
وهناك أيضًا الصحفي خالد ممدوح المحبوس على ذمة القضية رقم ١٢٨٢ لسنة ٢٠٢٤ حصر أمن الدولة العليا. بتهمة نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية. وكان قد ألقي القبض عليه، من منزله فجر 16 يوليو 2024، بمنطقة المقطم التابعة لمحافظة القاهرة. وأرسلت أسرته، في اليوم التالي، تلغراف إلى وزارة العدل للكشف عن مكان احتجازه حيث ألقي القبض عليه بدون وجه حق أو سند قانوني.
وبحسب أسرته، فإن خالد ممدوح صحفي رياضي وعمل لفترة طويلة بمجال الرياضة.
وكان خالد يعمل صحفيًا ومذيعًا بمجموعة قنوات MBC لمدة ١٩ سنة تقريباً. فضلا عن عمله كمذيع في البرنامج الأوروبي في الإذاعة المصرية لسنوات (ماسبيرو). وفي 8 أكتوبر 2024، تحدث خالد ممدوح – خلال جلسة تجديد حبسه- واشتكى من سوء أوضاع الاحتجاز وعدم وجود مياه صالحة للشرب، فيما استنكر استمرار حبسه، قائلا إنه لم يواجه بأي جريمة فعلية ارتكبها لتكن مبررا لحبسه طوال هذه المدة.
تدهور الحالة الصحية
ومع نهاية شهر أبريل الماضي، خرج علينا بعض الصحفيين يطالبون بإطلاق سراح الكاتب الصحفي سيد صابر، خاصة بعد تدهور حالته الصحية داخل السجن. وفي 27 أبريل الماضي، تداول عدد من الصحفيين وأصدقاء الكاتب الصحفي سيد صابر، أنباء تدهور حالته الصحية، ومروره بظروف صحية حرجة.
وأوضح صحفيون أن سيد صابر تم نقله إلى المركز الطبي بسجن بدر لإجراء عملية تركيب دعامة قلبية وتوسيع الشريان، وحالته الصحية ساءت بعدما تم نقله.
وجاء إلقاء القبض على الكاتب الصحفي سيد صابر يوم 26 نوفمبر 2024، حيث ألقي القبض عليه من قبل قوات الأمن، وبعد ساعات من اعتقاله ظهر أمام نيابة أمن الدولة. يأتي ذلك على ذمة القضية رقم 6499 لسنة 2024، بتهمة نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية.
ورجح البعض أنه تم القبض عليه بسبب منشوراته على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، وانتقاده للأوضاع والتغيرات السياسية الأخيرة.
إهمال طبي
الصحفي سيد صابر ليس الوحيد الذي بحاجة لرعاية صحية، فهناك عدد من الصحفيين حالتهم الصحية سيئة وبحاجة لرعاية طبية مستمرة.
الكاتب الصحفي محمد سعد خطاب حجي، المحبوس احتياطيًا على ذمة التحقيقات في القضية رقم 2063 لسنة 2023، بتهمة نشر أخبار كاذبة وسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
الصحفي محمد سعد خطاب – 72 عامًا – لديه قصور في الشريان التاجي مما استدعاه لتركيب 4 دعامات، وهو مريض ضغط وسكر، فضلا عن إجرائه عمليات من قبل في الرقبة والظهر، ولديه شرائح ومسامير بإحدى قدميه، وبحاجة لمتابعة طبية دورية وعلاج يومي، ما يجعل حبسه فيه خطورة شديدة على حياته.
وكان قد ألقي القبض عليه من مكتبه بمدينة نصر، في 19 أغسطس 2023، حيث قضى ليلة كاملة بمقر الأمن الوطني بالعباسية، وتعرض لانتهاكات حيث جردوه من ملابسه وتركوه عاريا طوال الليل. وفي اليوم التالي، تم عرضه على نيابة أمن الدولة على ذمة القضية المذكورة، ووجهت له الاتهامات السالف ذكرها.
يذكر أن الصحفي محمد سعد توقف عن العمل الصحفي منذ 7 سنوات، وكان يعمل من قبل في مؤسسات صحفية مختلفة مثل: جريدة الوفد، الدستور وروز اليوسف وغيرها، كما أنه كان مستشار رئيس تحرير جريدة الأمة لسنوات طويلة.
أيضا، الصحفي حمدي الزعيم والمحبوس على ذمة القضية رقم 955 لسنة 2020، بتهم: الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، نشر أخبار وبيانات كاذبة، استخدام حساب على شبكة المعلومات الدولية لنشر أخبار كاذبة، ولازال يتم تجديد حبسه حتى الآن، بالرغم من قرابة 4 سنوات. يعاني حمدي من مرض السكر، وعدة انزلاقات في العمود الفقري، وهو ما أثبته أثناء تحقيق النيابة معه.
وتعود وقائع القبض عليه، في 5 يناير 2021، حيث داهمت قوة أمنية منزله، وصادرت محتويات الشقة واقتادته إلى جهة غير معلومة. وعقب القبض عليه، لم يعرض على أي جهة من جهات التحقيق إلا بعد 11 يوما، دون إبلاغ أسرته أو محاميه عن أسباب القبض عليه أو مكان احتجازه بالمخالفة للدستور.
كذلك الكاتب الصحفي توفيق غانم -70 عاما- الذي تم القبض عليه في 21 مايو 2021. ظهر بعد 5 أيام في نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معه، على ذمة القضية رقم 238 لسنة 2021 حصر تحقيق أمن دولة عليا. ويعاني من تضخم في البروستاتا، إضافة إلى معاناته من مشاكل صحية في العظام وخضوعه في وقت سابق لعمليات جراحية، وأخيرًا إصابته بمرض السكر الذي يستلزم رعاية طبية خاصة.
خلال حبسه، فوجئ غانم بإدراج اسمه هو 4 صحفيين آخرين على قوائم الإرهابيين، حيث نُشر القرار في الجريدة الرسمية بتاريخ 16 أبريل 2023. وفي 18 مايو 2024 قررت محكمة النقض، إلغاء قرار محكمة الجنايات بإدراج عدد من الصحفيين وآخرين على قوائم الإرهاب. جاء ذلك في الطعن المقدم رقم 12 لسنة 2023.
سوء أوضاع الاحتجاز
ومن تدهور الحالة الصحية إلى سوء الأوضاع، حيث اشتكى الكاتب والخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق عدة مرات من سوء الأوضاع داخل محبسه مما يهدد حياته وحالته الصحية. وسبق أن تقدمت زوجته بتلغراف إلى النائب العام حول وجود فئران كبيرة داخل محبسه.
أوضحت فيه أنه أثناء زيارتها لزوجها، الإثنين 31 مارس 2025، أخبرها بأنه يوجد فئران كبيرة داخل الزنزانة كبيرة الحجم. وأهذه الفئران جبلية، وتم اصطياد أحدها وقتله، وتم إبلاغ إدارة السجن، ولكن لا توجد هناك أي استجابة.
وفي 7 يناير 2025، اشتكى عبد الخالق فاروق -خلال نظر تجديد حبسه- من سوء الأوضاع في محبسه، وذلك أثناء انعقاد الجلسة أمام نيابة أمن الدولة. يذكر أن قوات الأمن قد ألقت القبض على الخبير الاقتصادي عبد الخالق فارق، في ٢١ اكتوبر ٢٠٢٤، من منزله وقامت بتفتيش المنزل ولم تسمح ـ حينها – له بأخذ أدويته الخاصة أو أي متعلقات شخصية. يأتي ذلك على ذمة القضية رقم ٤٩٣٧لسنة ٢٠٢٤، بتهمة نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية.
اختفاء وحبس
وخلال عام 2024، لم تتوقف الأجهزة الأمنية عن ملاحقة وحبس الصحفيين، حيث ألقت القبض على رسام الكاريكاتير والمترجم أشرف عمر بموقع “المنصة” الإخباري، فجر 22 يوليو 2024، بعد اقتحام منزله بحدائق أكتوبر.
واصطحبت قوات الأمن التي كانت ترتدي ملابس مدنية أشرف عمر إلى مكان غير معلوم، بعد قرابة 40 دقيقة من تواجدهم داخل منزله. وبحسب زوجته ندى مغيث: “قوة أمنية بلباس مدني اقتحمت مقر السكن في منطقة حدائق أكتوبر، وألقت القبض على أشرف في تمام الساعة الواحدة والنصف صباحا، وتبين اختفاء الحاسوب الخاص به وموبايله”.
وأشارت في تصريحات صحفية، إلى أنها لم تكن موجودة أثناء القبض على زوجها، لكن تم تفريغ كاميرا مراقبة قريبة من العقار، وكشفت أن مجموعة من الأشخاص في سيارتين ميكروباص دخلوا العقار، وخرج أشرف معهم من العقار وهو معصوب العينين.
ظهر أمام النيابة – عقب 48 ساعة من اختفائه- على ذمة القضية رقم 1968 لسنة 2024 حصر أمن دولة، بتهم المعتادة: نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية.
وكشفت أسرة المترجم بعد ظهوره، عن تعرضه للتعذيب والصعق بالكهرباء، أثناء وبعد القبض عليه، وهو ما دفع محاميه لتقديم بلاغات بالأمر وطالب بالاستماع لأقوال أشرف عمر كمجني عليه في الواقعة.
حبس بسبب حوار صحفي
وبسبب حوار مع زوجة رسام الكاريكاتير أشرف عمر، ألقي القبض على الصحفي أحمد سراج. جاء القبض عليه، عقب إجراؤه حوار صحفي نشر على موقع “ذات مصر” – آنذاك – مع الدكتورة ندى مغيث زوجة رسام الكاريكاتير أشرف عمر حول واقعة القبض على زوجها من منزلهم.
ولا زال يتم تجديد حبسه٬ وذلك على ذمة القضية رقم 7 لسنة 2025 أمن دولة عليا. يواجه اتهامات الانضمام إلى جماعة إرهابية، نشر أخبار وبيانات كاذبة وارتكاب جريمة من جرائم التمويل، واستخدام موقع “ذات مصر” في ارتكاب جريمة نشر الأخبار الكاذبة.
تجاوز الحبس
هناك أيضا عدد من الصحفيين الذين تجاوزوا فترة الحبس الاحتياطي- بالمخالفة للقانون- ما يعد انتهاكًا واضحًا للقانون وكذلك ضد الصحفيين.
غالبيتهم تجاوزوا فترة الحبس لأكثر من 5 سنوات، من بينهم: الصحفي مصطفى الخطيب الذي يعمل مراسلاً لوكالة الأسوشيتد بريس الأمريكية، حيث ألقي القبض عليه، في 13 أكتوبر 2019، وتم التحقيق معه على ذمة القضية 488 لسنة 2019 حصر أمن دولة.
ويواجه اتهامات في القضية مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها، نشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي.
والصحفي مدحت رمضان، المحبوس على ذمة القضية رقم 680 لسنة 2020 حصر أمن دولة. ألقي القبض عليه من منزل أسرته، في محافظة المنوفية، بتاريخ 28 مايو 2020. ظل رهن الاختفاء لمدة شهر، حتى ظهر داخل نيابة أمن الدولة العليا بتاريخ 27 يونيو 2020، تم التحقيق معه في القضية المذكورة ووجهت له اتهامات: “الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار وبيانات كاذبة واساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي”.
وأيضا الصحفي أحمد سبيع الذي ألقي القبض عليه، فجر27 نوفمبر 2020 من منزله، وتعرض بعدها للاختفاء لمدة يومين. ظهر بعد ذلك على ذمة القضية رقم 1111 لسنة 2020 حصر أمن دولة. ويواجه في القضية اتهامات: الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة والتحريض ضد الدولة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
جاء القبض على سبيع، بعد 3 سنوات من إطلاق سراحه، تحديدا في مايو 2017، بعد حكم البراءة الصادر في حقه، في القضية المعروفة إعلاميا بـ “غرفة عمليات رابعة” انتهت بالحكم بالبراءة.
ومع بداية شهر رمضان، جددت الأسرة مطالبها بالإفراج عنه، حيث قالت زوجته إيمان محروس: “السنة السادسة على التوالي والعاشرة تباعاً”، وذلك في إشارة إلى غياب زوجها، مطالبة من الجميع الدعاء لزوجها بعودته والإفراج عنه في أقرب وقت.
تدوير وحبس
وبجانب تجاوز البعض فترة الحبس الاحتياطي، لكن البعض يواجه تضييق من نوع آخر داخل الحبس وهو التدوير على ذمة قضية جديدة لا يعلم عنها شيء ليستمر حبسه داخل السجن وتطول مدة اعتقاله.
مثلما حدث مع الصحفي محمد سعيد فهمي بجريدة الوطن القطرية، الذي ألقي القبض عليه، في 31 مايو 2018، وتعرض للاختفاء لمدة 45 يومًا قبل ظهوره بنيابة أمن الدولة والتحقيق معه في القضية رقم 441 لسنة 2018، بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة.
وبعد نحو عامين من الحبس، صدر قرار بإخلاء سبيله، تحديدًا يوم 15 يوليو 2020، لكن تم إخفاؤه لمدة 4 أشهر. ظهر بنيابة العجوزة، في 18 نوفمبر 2020 وتم التحقيق معه في قضية جديدة تحمل رقم 2727 لسنة 2020 جنح العجوزة.
ظل فهمي رهن الحبس الاحتياطي حتى إخلاء سبيله بضمان مالي 5 آلاف جنيه. لكن أثناء ترحيله، اختفى مرة أخرى لمدة شهر ونصف، ليظهر في 16 يناير 2021، على ذمة قضية أخرى رقم 955 لسنة 2020 حصر أمن دولة.
من التدابير إلى السجن
الانتهاكات لم تقتصر على التدوير، بل طالت المدون محمد إبراهيم رضوان، وشهرته “محمد أكسجين”، الذي فوجئ بحبسه منذ قرابة ٥ سنوات ونصف٬ على ذمة قضية لا يعلم عنها شيء أثناء قضائه فترة التدابير الاحترازية لقضية قديمة.
ففي 22 سبتمبر 2019، ألقت قوات الأمن القبض على أكسجين، أثناء تواجده بديوان قسم شرطة البساتين؛ لتنفيذ التدبير الاحترازي على ذمة قضية قديمة كان محبوسا على ذمتها. قررت النيابة – حينها – ضمه على ذمة القضية رقم 1356 لسنة 2019، بتهمة نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية.
ضمت نفس القضية كلا من: علاء عبد الفتاح والمحامي محمد الباقر الذي حصل على عفو رئاسي، بتاريخ 20 يوليو 2023.
وبعد مرور نحو عامين من حبسه، بدلا من إطلاق سراحه تم إحالته للمحاكمة الجنائية هو والباقر وعبد الفتاح، حيث عقدت أولى جلساتها، بتاريخ 18 أكتوبر 2021، أمام محكمة جنح أمن الدولة طوارئ.
التضييق على الصحفيات
الصحفية دنيا سمير فتحي الدسوقي، من الصحفيات اللاتي واجهن تضييقات وانتهاكات، حيث لا زالت يتم تجديد حبسها حتى وقتنا الحالي، وألقي القبض عليها هي وأولادها الثلاث، بتاريخ 27 مايو 2022، وبعد يومين من القبض عليها تم التحقيق معها، على ذمة القضية رقم 440 لسنة 2022 أمن دولة.
ووجهت لها النيابة اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، اساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، الترويج لجريمة إرهابية.
جاء القبض عليها على خلفية قيامها بنشر فيديو على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، حول تعرضها لمضايقات من جانب محافظ جنوب سيناء.
وفي 30 سبتمبر 2023، انتشرت أنباء تفيد بصدور قرار نيابة أمن الدولة العليا، بإخلاء سبيل الصحفية دنيا سمير، ضمن قائمة شملت 60 محبوسا احتياطيا على ذمة قضايا سياسية، لكن لم يطلق سراحها.
اعتصام بسبب التهديدات
أيضا لم تسلم الصحفية رشا عزب من التضييقات الأمنية، ونتيجة لذلك قررت الدخول في اعتصام مفتوح، يوم 16 ديسمبر2024، داخل نقابة الصحفيين للتنديد بالتضييق الواقع عليها منذ 7 أكتوبر 2023.
وبحسب ما أعلنته، فهي مهددة بالاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية، ووصلت هذه التهديدات إلى مكالمات هاتفية. وأعلنت حينها الدخول في الاعتصام بعدما سلكت كل الدروب القانونية دون جدوى، واحتجاجًا على ما وصفته بـ”الممارسات العصابية لوزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني”.
وفي الوقت ذاته، تقدم خالد البلشي نقيب الصحفيين، يوم 26 ديسمبر2024، ببلاغ إلى المحامي لنيابات وسط القاهرة لتحقيق مطالب الصحفية رشا عزب وفريق الدفاع الخاص بها، في التحقيق في واقعة سرقة سيارتها، وتفريغ كاميرات المراقبة بمكان الواقعة، وغيرها من المطالب المتعلقة بالانتهاكات التي تعرضت لها رشا خلال الفترة الأخيرة.
اقتحام ومصادرة
ومن التضييقات الأمنية إلى المصادرة واقتحام دار النشر التي يعد البعض منها متنفس لكتاب الرأي للتعبير عن رأيهم بحرية. ففي 27 يوليو 2024، داهمت قوات الأمن “دار المرايا للثقافة والفنون”، وفتشت المكان قرابة الـ5 ساعات. وقبل مغادرة المكان، حرزت مباحث المصنفات الفنية 217 كتابا، وجهازي حاسب آلي، فيما حرزت مباحث التهرب الضريبي 4 كراتين من الملفات والمستندات المالية الخاصة بالدار. تم إلقاء القبض على المساعد الإداري، لكن أخلي سبيله على ذمة القضية 5142 لسنة 2024 جنح عابدين.
وتعد هذه الواقعة ليست الأولى لدار المرايا للثقافة والفنون، حيث سبق وأن لاقت هجوما خلال الفترة الماضية، بسبب كتاب الناشط السياسي والشاعر أحمد دومة الأخير، والذي حمل عنوان ديوان “كيرلي”.
رقابة الأعلى للإعلام
وبجانب هذه الانتهاكات التي طالت عدد كبير من العاملين ببلاط صاحبة الجلالة، لم تسلم المواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام منها. صدرت العديد من القرارات التي جاءت بمثابة تضييق على عمل الصحفيين بالمواقع الإلكترونية والعاملين بالتلفزيون بسبب تغريم البعض أو إيقاف آخرين عن العمل لمدة محددة.
استدعاء وتحقيق
وفي منتصف ديسمبر 2024، قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام استدعاء الممثل القانوني لمؤسسات، قناة النهار الفضائية، وبوابة الشروق الإلكترونية، والموقع الإلكتروني القاهرة 24، لإبداء الإيضاحات وتقديم المستندات اللازمة بشأن ما رصده المجلس من مخالفات للضوابط والمعايير والأكواد الصادرة عنه لتنظيم ممارسة المهنة. وجاء هذا الاستدعاء دون تحديد الخبر أو البرنامج أو الموضوع الذي خالف الضوابط والمعايير.
منع وغرامة
وفي 4 مارس 2025 وافق المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بتغريم قناة الأهلي مبلغ مالي قدرة 100 ألف جنيه، ومنع عرض برنامج «حارس الأهلي» لمدة أسبوعين، وكذلك منع ظهور الإعلامي أحمد شوبير على شاشة القناة لنفس المدة.
جاء القرار بعد انتهاء التحقيقات التي أجرتها لجنة الشكاوى، ووفقًا للقانون 180 لسنة 2018، وإعمالًا للمادة 16 من لائحة الجزاءات الصادرة بقرار رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 16 لسنة 2019. وبعد يومين من صدور القرار، قرر المجلس منع بث برنامج “ملعب الشمس” لمدة شهر، مع فرض غرامة مالية قدرها 100 ألف جنيه على قناة الشمس، ومنع ظهور مقدم البرنامج أحمد الشريف على شاشة القناة.
كما وجه المجلس الأعلى، إنذارًا لقناة الشمس بسحب الترخيص في حال تكرار المخالفات.
كما قرر المجلس مجازاة قناة “هي” بأداء مبلغ مالي 100 ألف جنيه، وإنذار القناة، لما ثبت من مخالفة شروط الترخيص الصادر لها والخلط في بعض البرامج بين الإعلام والإعلان، وتضمين أحد البرامج المذاعة عبر شاشتها عبارات وتصرفات غير لائقة.
وفي 16 أبريل الماضي، قرر المجلس الأعلى للإعلام بتغريم موقع “عين مصر” 100 ألف جنيه عما ثبت في حقه من التشهير والإساءة لإحدى الشركات العقارية وأحد المطاعم في محتوى إخباري نشر من خلال الموقع وإلزامه بحذف المحتوى محل المخالفة.
وأيضًا توقيع غرامة قدرها 50 ألف جنيه على موقع “تليجراف مصر”، وذلك لنشره خبرًا غير صحيح ونسبه لمصدر رسمي من قبل “المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام”.
وكذلك توقيع غرامة مالية قدرها 100 ألف جنيه، على قناة “الحدث اليوم” الفضائية في مخالفتين، الأولى بشأن إحدى حلقات برنامج “حضرة المواطن”، والثانية لسماح القناة بظهور مقدمة برنامج “أصحاب الرسالة” دون حصولها على تصريح بالظهور الإعلامي..
ومن ضمن حزمة القرارات الصادرة، تم توقيع غرامة قدرها 25 ألف جنيه على موقع “الصفحة الأولى” عما ثبت في حقه من التشهير بأحد المطاعم في محتوى إخباري نشر من خلال الموقع وإلزامه بحذف المحتوى محل المخالفة.
ومن جهتها، تطالب المفوضية المصرية للحقوق والحريات بفتح المجال العام للصحفيين والسماح لهم بممارسة عملهم دون التضييق عليهم أو ممارسة أي نوع من الانتهاكات بحقهم. كما طالبت بالإفراج الفوري على الصحفيين المحبوسين، خاصة الذين تجاوزوا فترة الحبس الاحتياطي، وتوفير الرعاية الطبية اللازمة لهم داخل الحبس. وشددت على ضرورة وقف سياسية التدوير التي تستخدمها الأجهزة المعنية للتضييق على الصحفيين واستمرار حبسهم لفترة أطول.
كما طالبت من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بوقف الغرامات والجزاءات المستمرة على المواقع الإلكترونية والقنوات التلفزيونية، واعتبرت أن ما يحدث نوع من أنواع التضييق وليس ضبط الأداء الإعلامي، وأنه يمكن للمجلس الاكتفاء بإنذار قبل توقيع عقوبات مشددة. وأكدت علة ضرورة وقف ممارسات التضييق والسماح للصحفيين والإعلاميين بممارسة عملهم بكل حرية دون خوف من الملاحقة.
ورأت المفوضية أنه يجب إعادة النظر في القوانين المنظمة للإعلام، حتى تتماشى مع مواد الدستور المصري الذي يكفل حرية الرأي والتعبير، والحرية للصحف ووسائل الإعلام.
كما تطالب السلطات فتح المجال العام أمام جميع الأصوات المختلفة، وإتاحة مزيد من الحريات وفتح الباب أمام حرية التعبير عن الرأي. وتشدد على ضرورة احترام القارئ وحقه في الوصول للمعلومات والحقيقة وإتاحة الفرصة له للاطلاع على المواقع التي يرغب بها.