اصدارات

الأثمان الباهظة: ثلاثة أفلام عن رحلة العمال المهاجرين بين الاستغلال والظلم

في هذا العدد من مجلة “حق ومعرفة”، لن نرشح لكم فيلما واحدا للمشاهدة – كما جرت العادة – بل سنقدم لكم ثلاثة أفلام وثائقية/ استقصائية تكشف عن الأثمان الباهظة التي يدفعها العمال المهاجرون في ظل تناقضات صارخة في عالمنا المعاصر، وتثير تساؤلات حول العدالة والمساواة.

العبودية الحديثة في قلب أوروبا، والحرارة القاتلة في دول الخليج، والاستغلال البشع في حقول إيطاليا. تفضح هذه الأفلام الوثائقية/ الاستقصائية الثلاثة المستور، وتكشف عن ممارسات ظالمة بحق العمال المهاجرين. هذه الأفلام ليست مجرد قصص، بل هي صرخة مدوية في وجه الظلم، ودعوة للتحرك الفوري من أجل ظروف عمل عادلة لجميع العمال المهاجرين سواء.

استغلال عمال الحصاد من المهاجرين في إيطاليا وكفاح من أجل ظروف عمل عادلة لهم

في ظروف شبيهة بالعبودية، يعيش عمال الحصاد من المهاجرين الذين تركوا بلادهم وهاجروا إلى إيطاليا على أمل بتحسين ظروف معيشتهم وتأمين مستقبلهم لكنهم اصطدموا بواقع مغاير تماما عما تمنوه، إذ واجهوا ظروف عمل قاسية ولفترات طويلة مقابل أجور زهيدة جدا.

هذا ما يكشفه الفيلم الوثائقي “استغلال عمال الحصاد من المهاجرين في إيطاليا”، الذي يسلط الضوء على قضية مهمة تحتاج إلى مزيد من الاهتمام والعمل من أجل تحقيق العدالة والمساواة لجميع العمال.

يبدأ الفيلم بالإشارة إلى معظم عمال الحصاد في إيطاليا الذين ينتجون خضروات وفاكهة رخيصة لقاء أجور زهيدة كما في العديد من مناطق أوروبا. قد يكسب الشخص حوالي 2000 يورو في العام، لأنهم يعملون لشهرين ثم يجلسون لشهرين آخرين بدون عمل. وهم يتنقلون من العمل في حصاد الكوسة ثم الطماطم ثم الزيتون.. وبعضهم يكسب حتى 3 آلاف يورو في العام لكن هذا هو الحد الأقصى.

بعد ذلك، يسلط الفيلم الضوء على الجامبي كاوسو كاسامه، الذي يعيش مثل آلاف المهاجرين في حي “بورغو ميتسانوني” بمدينة فوجيا والمعروف بسمعته السيئة، بدون كهرباء أو مرحاض أو مياه جارية، ويتناولون الطعام مرة واحدة فقط في اليوم أو لا يتناولون!

قبل اثني عشر عاماً، تم إنقاذ “كاوسو” من قارب مكتظ بالمهاجرين في البحر الأبيض المتوسط. لكن، سرعان ما تلاشى أمله في حياة أفضل في أوروبا واصطدم بواقع عمل مرير، حيث يكشف الفيلم أن هذا الشاب البالغ من العمر 29 عاماً يعمل في الحقول بأجر لا يصل إلى خمسة يورو في الساعة. 

“الظروف المعيشية هنا أسوأ مما هي عليه في أفريقيا كثيرون ممن يعيشون هنا الآن لم يتوقعوا أن يكونوا في مكان كهذا”.. بهذه الكلمات عبر “كاوسو” عن بشاعة الظروف التي يعيش فيها عمال الحصاد من المهاجرين في إيطاليا، حيث يشدد على أنهم يريدون حياة أفضل.

ومن معاناة “كاوسو” ننتقل إلى قصة ملهمة لشخص يدعى إيفان سانييه تحول من طالب مهاجر تعرض للاستغلال إلى ناشط حقوقي يكافح ضد استغلال عمال الحصاد المهاجرين في إيطاليا، ويعمل على رفع مستوى الوعي وتعبئة الدعم لتحقيق ظروف عمل عادلة وأجور مناسبة للمهاجرين.

بعد أن عانى “سانييه” الذي قدم من الكاميرون إلى إيطاليا من الاستغلال كعامل حصاد، أسس منظمة “NoCap” التي تناضل من أجل منح أجور عادلة وتوفير ظروف عمل عادلة للعمال المهاجرين في جنوب إيطاليا. ويشار إلى أن اسم المنظمة هو اختصار لكلمة “no caporalto” والتي تعني بدون المافيا، في إشارة إلى المافيا الزراعية التي تستغل عمال الحصاد من المهاجرين.

ويقدر عدد عمال الحصاد من المهاجرين الذين يتم استغلالهم في إيطاليا بحوالي 400 ألف شخص. وتقف “NoCap” في وجه هذا الاستغلال الإجرامي للمهاجرين، بحسب ما يشير هذا الفيلم الوثائقي الذي يستعرض بعض إنجازات المنظمة، لكن حتى يومنا هذا، تعد إيطاليا واحدة من خمس دول في الاتحاد الأوروبي لا تضمن الحد الأدنى للأجور، وهذا ما يسعى سانييه إلى تغييره.

أما النيجيرية تينا أبونينمه فتعمل في شركة معتمدة من منظمة “NoCap” وتعبئ الفراولة العضوية للمتاجر في ألمانيا والدنمارك. وهي تعرف أن الفضل في هذا يعود إلى إيفان سانييه ومساعيه. 

تعمل النيجيرية البالغة من العمر 39 عاماً لدى أحد أكبر منتجي الفراولة العضوية في أوروبا مدة ثلاثة أشهر وبشروط عمل عادلة، وتحصل على نحو 1500 يورو شهريا. لكن عقدها الموسمي سينتهي قريباً وسيتوجب عليها البحث عن عمل جديد. تخشى الأم العزباء لطفلين أن تضطر مجدداً إلى العمل لمدة عشر ساعات أو أكثر مقابل أجر أقل بكثير.

أخيرا، يعود الفيلم إلى “سانييه”، حيث يشير إلى حلمه بعالم خالي من الاستغلال الإجرامي للمهاجرين؛ إذ يطمح من خلال “NoCap” في توسيع نشاطه ليشمل إسبانيا والبرتغال اليونان، ففي تلك البلدان أيضا يعاني العمال من ظروف قاسية عاشها هو بنفسه ولا يمكنه نسيانها.

يذكر أن هذا الفيلم الوثائقي جرى بثه في سبتمبر من العام 2024، ومدته 28:25 دقيقة، وهو من إنتاج إذاعة صوت ألمانيا “دويتشه فيله”، ويُمكن مشاهدة من خلال موقع “يوتيوب”.

شاهد الفيلم من خلال مسح رمز الـ”QR Code”

فساد ممنهج في “دولة الرفاهية الاجتماعية”.. عشرات الآلاف من العمال الأجانب يتعرضون للاستغلال في ألمانيا

من إيطاليا إلى ألمانيا، كشف فيلم وثائقي آخر بثته قبل سنوات “دويتشه فيله” عن جوانب مظلمة في سوق العمل الألماني، حيث يتعرض عشرات الآلاف من العمال من شرق أوروبا لاستغلال بشع في قطاعات حيوية مثل صناعة اللحوم والزراعة.  ويعيش هؤلاء العمال في ظروف متدنية في تلك الدولة الأوروبية التي توصف بأنها “دولة الرفاهية الاجتماعية”.

ويوثق الفيلم الذي يحمل اسم “استغلال العمال الأجانب في ألمانيا” شهادات حية لعمال يكابدون ساعات عمل إضافية غير مدفوعة الأجر، ويعيشون في مساكن ضيقة ومكتظة تفتقر لأدنى معايير السلامة. والأكثر إثارة للقلق هو تحميل هؤلاء العمال وحدهم مسؤولية وتكاليف الرعاية الصحية في حالات المرض والحوادث، مما يزيد من معاناتهم ويجعلهم عرضة للاستغلال الممنهج. 

ويسلط الفيلم الضوء على الروماني “أليكس بيه” الذي عمل لمدة عامين في مصنع لشركة “تونيس”، وهي أكبر شركة لتصنيع اللحوم في ألمانيا، حيث تكشف قصته مدى تردي الأوضاع في هذا القطاع؛ إذ كان يعمل لساعات عمل إضافية غير مدفوعة الأجر، فيما يسكن العمال في أماكن سيئة. كما سلط الفيلم الضوء على عاملة جني المحاصيل  الرومانية “ماريانا كوستيا” التي تلخص حكايات واقع يعيشه عشرات الآلاف من العاملين في قطاع الزراعة بألمانيا.

  

“فضيحة وفساد ممنهج”.. هكذا وصفت لافينيا بيتو، معدة الفيلم/ التقرير الوثائقي ما يحدث؛ فقطاع صناعة اللحوم وشركات البناء وأصحاب المزارع في ألمانيا لا يوظفون العمال بأنفسهم، بل يقوم بذلك مقاولون من الباطن، وبهذا ينزعون عن أنفسهم مسؤولية الالتزام بقوانين العمل. 

وهو يروى معاناته، يقول أليكس إنهم “كانوا يسرقون أوقات عملنا فبدلا من 8 ساعات و45 دقيقة استراحة كنا نعمل من 10 إلى 13 ساعة يوميا وفي النهاية كنا ننهك نفسيا أيضا”. ويشير إلى أن هذا النظام عاديا بالنسبة لمعظم شركات اللحوم؛ العمل بالقطعة.. أي أن الأجر ليس بحسب الوقت ولكن بمقدار العمل المنجز الذي لا يمكن إنجازه خلال 8 ساعات.

“نظام استغلالي ومن يعترض عليه يطرد بسرعة” وحتى قوانين العمل الألمانية لا تطبق هنا، كما يذكر أليكس، الذي يؤكد أنهم في حالات المرض يجبرون على العمل بالمخالفة للعقود التي وقعوا عليها قبل العمل، حيث أوضح: “نعمل في مناخ رطب وبارد، خط الإنتاج يسير بسرعة كبيرة مما يجعلنا نعرق والبعض منا أصيب بالتهاب رئوي وكثيرون هُددوا بالطرد إذا مرضوا مرة أخرى.. هذا هراء، العقد ينص على حق الحصول على إجازة مرضية”.

لكن أليكس يكشف عن معلومة صادمة، إذ أنه لم يُبري عقده مع شركة “تونيس” ولكن مع شركة فرعية. تتولى هذه الشركة الخارجية جزءا من إنتاج “تونيس” ومعظم عمالها من جنوب شرق أوروبا. ووفق ما يفجره هذا الفيلم الوثائقي يعمل هؤلاء العمال بموجب شروط الشركة الفرعية؛ وعلى عاتق الأخيرة يقع مسؤولية ظروف العمل في نهاية المطاف وليس “تونيس”.

وبحسب الفيلم، عندما لا تملك شركة “س” ما يكفي من اليد العاملة فإنها تحصل عليها من شركة (ص) التي تقدم خدمة خارجية وهذه الشركة الفرعية التي تتولى الإنتاج في الشركة (س) فيكون العمال متعاقدين مع الشركة الفرعية حتى وإن كانوا يعملون واقعيا في الشركة (س)، وفي حال عدم كفاية العمال لدى الشركة (ص) فهي تبحث عنهم لدى الشركة (ع) وهي شركة فرعية للشركة الفرعية. حينها لا يستطيع العامل أن يقدم شكوى هنا مباشرة ولكن عليه التعامل مع الشركة الفرعية. هنا يقول رب العمل إن ما يحدث هنا في (ع) لم يعد مشكلتي.

شبكة غامضة ويصعب التحكم بها، ولكن ألا يجب أن يكون ممكنا التحقق في دولة الرفاهية الاجتماعية ألمانيا من مكان سكن العمال.. هذا السؤال يطرحه الفيلم الوثائقي، ويجيب عنه بأن “هذا ممكن نظريا”، وإن المسؤولين هم الجمارك الألمانية والسلطات الصحية لكن عند التفتيش لا تسير الأمور بسلاسة. 

يشير الفيلم إلى أنه تم الإعلان مسبقا عن الزيارات التفتيشية للجمارك، لذا يطرح عدة تساؤلات أهمها “لماذا تحدث هذه التسريبات في هيئة حكومية؟ وهل يتم تحذير الشركات فعلا على نطاق واسع؟”، وذلك إلى جانب تساؤلات أخرى حول مدى فعالية القوانين والرقابة في حماية حقوق العمال الأجانب.

ومن قطاع صناعة اللحوم إلى الزراعة، يتناول الفيلم قصة “ماريانا كوسيتا” التي عملت في قطف المحاصيل في مزرعة في ولاية بافاريا لمدة شهرين فقط ولم تستطع تحمل ظروف العمل المتدنية وظروف السكن السيئة فقررت العودة إلى بلادها مرة أخرى، حيث تقول إنها لم تعد تتحمل ولا تقبل أن يقتسم 8 أشخاص غرفة نوم واحدة وحمام واحد، وأن يقتسم 30 شخصا مطبخا واحدا”.

وفي النهاية، يدعو إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هذا الاستغلال وضمان ظروف عمل لائقة وعادلة للجميع.

شاهد الفيلم من خلال مسح رمز الـ”QR Code”

في الخليج.. عمال ضحوا بحياتهم وأعضائهم تحت الحرارة الشديدة

ضمن سلسلة “الحياة في درجة حرارة 50″، التي أنتجها هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” سلطت الهيئة من خلال تحقيقا استقصائيا مصورا الضوء على قصص خفية لبعض الرجال الذين دفعوا ثمن العمل في الخليج وضحوا بأعضاء حيوية – وحتى بحياتهم – من أجل وظائفهم. ويعد الخليج من أكثر المناطق حرا على كوكبنا وتزداد فيه الحرارة بسرعة بسبب الحالة المناخية. 

وتستضيف منطقة الخليج أكثر من 14 مليون عامل مهاجر. ووفق تحقيق “بي بي سي” الذي حمل عنوان “العمل في الخليج: ضحوا بحياتهم وأعضائهم تحت الحرارة الشديدة” فتعود كل عام “الآلاف من جثثهم في توابيت”. وتحقق “بي بي سي” في مزاعم بعض العائلات بأن قطر لا تبلغ عن عدد العمال المهاجرين الذين يموتون بسبب الحرارة أو الشمس الحارة، وهي حالة وفاة يمكن الوقاية منها، وكذلك مزاعم العائلات والأطباء والمنظمات غير الحكومية بأن التعرض للحرارة يسبب الفشل الكلوي والسكتة القلبية لدى العمال المهاجرين في الخليج. 

يبدأ هذا التحقيق المصور لـ”بي بي سي” بالإشارة إلى أنه بسبب التغير المناخي تزداد درجات الحرارة في الخليج بضعف المعدل العالمي وعادة ما تصل إلى 50 درجة مئوية، وأن مواطني هذه الدول النفطية الغنية يستطيعون تجنب الحر في الوقت الحالي لكن الأمر مختلف بالنسبة للعمال المهاجرين. ثم يسلط الفيلم الضوء على قصة عامل نيبالي يدعى  دهان باهادور ماغار، سافر للعمل في السعودية أولا ثم قطر لاحقا وكان يعمل تركيب الأبواب والنوافذ الألومنيوم. 

دهان باهادور، الذي توفي في قطر بسبب العمل في درجة حرارة مرتفعة

“دهان باهادور” كان يعمل في حقل الأسرة ولكن كان صعبا عليه تلبية متطلبات العيش لهذا سافر إلى الخليج، لكنه كان يشكو من العمل في درجات حرارة مرتفعة. وتقول زوجته سيتا ماغار، إنه كان يتعرق دائما عندما كانت تحدثه عبر الفيديو، لافتة إلى أن ارتفاع حرارة الطقس جعلت أنفه ينزف. 

كان دهان باهادور يخطط للعودة إلى بلاده لكنه قبل شهر من ذلك سقط أرضا وهو يتلوى من الألم فأخذه أصدقاؤه إلى المستشفى لفظ أنفاسه الأخيرة قبل الوصول إلى المستشفى، وهو في الـ31 من عمره.. فعاد إلى بلاده “في صندوق أبيض محنط، مغطى، بملابسه، .. هكذا تم إرساله”، بحسب ما يقول بادام باهادور ماغار، والد دهان، الذي يقول إن نجله ذهب ليوفر لأسرته حياة أفضل.

وفق ما يكشف التحقيق كُتب في شهادة وفاة دهان باهادور بأنه مات جراء “سكتة قلبية”. وهو ما يعلق عليه الدكتور راتنا ماني غاجوريل، استشاري أمراض القلب بـ”كاتماندو” قائلا إن آلية عمل الجسم الطبيعية تبدأ بالتفكك في حرارة أعلى من 40 درجة مئوية حتى الأصحاء يعانون من ضغط الحرارة وضربات الحرارة وإجهاد الحرارة. ويضيف أنه في حالة دهان باهادور كان مكتوبا سكتة قلبية لكن الجميع يموتون بالسكتة القلبية! لا تتوقع ممن هم في سن 31 عاما أن يموتوا “موتا طبيعيا”  هذا غير معقول، موضحا بأنه في الأيام التي سبق وفاة دهان باهادور كانت الحرارة في قطر 40 درجة مئوية أو أكثر وكان يُمكن تجنب وفاته.

“عندما أرى إخوتي يموتون بهذه الطريقة أشعر باليأس والإحباط”.. يقولها الطبيب “غاجوريل” في التحقيق، مؤكدا أن الشباب لا يموتون ببساطة بدون أسباب مسبقة لها علاقة بالوفاة. ويشدد على أن أي عامل مهاجر يعمل بشكل متواصل إلى حد الإعياء في 40 درجة مئوية أو أكثر هناك احتمال تعرضه للموت المفاجئ.

ويشير التحقيق إلى أنه في السنوات الخمس عشرة الماضية، توفي أكثر من ألفي عامل نيبالي في قطر وحدها. وتوصلت دراسة دولية أجريت في الآونة الأخيرة إلى أن سبب الوفاة في 517 حالة وقعت في السنوات الثماني الماضي كان الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ربما كان أكثر من ثلثها نتيجة الإجهاد الحراري – وهو سبب يمكن الوقاية منه.

ومن قطر إلى الإمارات، حيث يسلط التحقيق الضوء على قصة عامل آخر يدعى هيم باهادور، عمل في الدولة العربية الاتحادية لعامين قبل إصابته بالفشل الكلوي، حيث يخضع لغسيل الكلية ثلاث مرات في الأسبوع. 

بعد عودته إلى نيبال يحاول هيم باهدور وكذلك العديد من العمال المهاجرين السابقين ابتكار طرق لتحسين ظروف العمال النيباليين فالنقابات العمالية محظورة في بعض دول الخليج كالإمارات لكن رغم ذلك يجد العمال طرقا لمساعدة بعضهم البعض.

الآن يعيش “هيم باهادور” في نيبال ويخضع لغسيل الكلية ثلاث مرات في الأسبوع، لكنه يسعى من موطنه إلى جانب العديد من العمال المهاجرين السابقين، لإيجاد سبل لتحسين أوضاع العمال النيباليين في دول الخليج ويجدون طرقًا مبتكرة لدعم ومساندة بعضهم البعض.

ويعود التحقيق المصور مرة أخرى إلى قطر، حيث يسلط الضوء على قصة عامل كيني يدعى مالكوم بيدالي، كان يعمل على كاميرات المراقبة في غرفة السيطرة الخاصة ببناية تملكها مؤسسة قطر، وهي مؤسسة خيرية تربطها علاقات مع العائلة الملكية القطرية. ورغم أن وزارة العمل القطرية تمنع الناس من العمل تحت الشمس من العاشرة إلى الثالثة، إلا أن مالكوم يقول إنه كان يرى العمال يعملون في الخارج خلال هذا الوقت، ويروى شهادته عن حدوث ذلك في إحدى المرات بالتزامن مع زيارة شخصية مهمة من العائلة الحاكمة.. “كانت رئيسة مؤسسة قطر”.

“كان ذلك انتهاكا في الحقيقة”.. يقولها مالكون لافتا إلى أنه “يُفترض بها أن تكون أحرص شخص على رعاية الناس”، مضيفا: “رأيت العمال يتعرقون ويكابدون لمواصلة عملهم وهذه الشخصية جاءت وشاهدت العمال واقفين في الخارج ولم تفعل شيئا تجاههم واستمر ذلك حتى نهاية الصيف ولم يُتخذ أي إجراء”.

 

وفق ما يروي، كتب مالكوم مقالا وصف فيه ما حدث، فتخلت الشركة عنه وجرى تسليمه إلى السلطات القطرية التي اتهمته بالعمل لصالح وكالات أجنبية لنشر معلومات كاذبة بهدف الإساءة إلى سمعة قطر. ويشير خلال التحقيق إلى أنه في أول أسبوعين لم يكن لديه اتصال مع أي شخص، وكان معصوب العينين ومقيد اليدين، ولم يكن يعرف في أي مكان يقبع. 

بعد شهر من الحبس الاحتياطي ودفع غرامة قدرها 6 آلاف و800 دينار عاد مالكوم إلى كينيا. ويقول: “لا يمكننا تغيير أزمة المناخ بدون حرية الكلام. عليك أن تبدي رأيك في بعض الأمور.. إذا ارتفعت الحرارة في قطر أعتقد أن من سيشعر بذلك هم العمال المهاجرون”.

شاهد التحقيق المصور من خلال مسح رمز الـ”QR Code”

يذكر أن التعرض للحرارة الشديدة يُشكّل خطرا صحيا شديدا. إذ يمكنها التسبب بطفح حراري، أو تشنجات، أو إجهاد حراري، أو ضربة شمس، والتي قد تكون قاتلة أو لها عواقب تستمر مدى الحياة. يتعرض العمال في الهواء الطلق، من ضمنهم العاملين في قطاعي البناء والزراعة، لهذه المخاطر بشكل غير متناسب. كنقطة بداية، ينبغي لجميع دول الخليج تبنّي وتطبيق “مؤشر الحرارة لجهاز البُصيلة الرّطبة الكرويّة” (WBGT) (المؤشر) كمعيار لفرض قيود على العمل خلال فترات الحر القائظ، وإعمال تدابير السلامة والصحة المهنية لحماية العمال، وإلغاء نظام الكفالة المسيء الذي يمنح أصحاب العمل سلطة غير متناسبة.

ووفق منظمة “هيومن رايتس ووتش” جميع العمال في الخليج يواجهون مخاطر التعرض للحرارة الشديدة، إلا أن العمال الوافدين هم الذين يتعرضون عمليا في غالبيتهم العظمى لظروف العمل الأخطر في المنطقة.

ووجد الباحثون احتمال إصابة العمال بحالات صحية خطيرة ومزمنة جرّاء التعرض للحرارة الشديدة. لم يتمكن العمال من التعافي بالقدر الكافي من الحرارة، جزئيا لعدم وجود أماكن راحة كافية وأماكن إقامة مكيفة، كما أنه لا يُسمح دائما للعمال بالعمل بوتيرة آمنة. غالبا ما تُؤدي ظروف العمل هذه مجتمعة إلى عواقب وخيمة، منها الوفيات المرتبطة بالحرارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى