اصدارات
حقوق السجناء في الرعاية الصحية بين الاتفاقيات الدولية والانتهاكات المحلية

في مقدمة كتيبها لتدريب موظفي السجون، اعتبرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أن الرعاية الصحية السليمة حق أساسي ينطبق على جميع أفراد البشر، وأن ظروف الرعاية الصحية في السجون تؤثِّر على الصحة العامة، وذلك انطلاقا من مبدأ جوهري يعتبر التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسدية، والعقلية يمكن بلوغه حق من حقوق الإنسان.
حقوق السجناء في الاتفاقيات الدولية
بحسب مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين في جنيف عام 1955 “يجب أن يتوفر في كل سجن طبيب مؤهل واحد على الأقل، يكون على بعض الإلمام بالطب النفسي. وينبغي أن يتم تنظيم الخدمات الطبية على نحو وثيق الصلة بإدارة الصحة العامة المحلية أو الوطنية. | السجناء الذين يتطلبون عناية متخصصة ينقلون إلى سجون متخصصة أو إلى مستشفيات مدنية. ومن الواجب، حين تتوفر في السجن خدمات العلاج التي تقدمها المستشفيات، أن تكون معداتها وأدواتها والمنتجات الصيدلانية التي تزود بها وافية بغرض توفير الرعاية والمعالجة الطبية اللازمة للسجناء المرضي، وأن تضم جهازا من الموظفين ذوي التأهيل المهني المناسب. | يجب أن يكون في وسع كل سجين أن يستعين بخدمات طبيب أسنان مؤهل. |
في سجون النساء، يجب أن تتوفر المنشآت الخاصة الضرورية لتوفير الرعاية والعلاج قبل الولادة وبعدها. ويجب، حيثما كان ذلك في الإمكان، اتخاذ ترتيبات لجعل الأطفال يولدون في مستشفى مدني. وإذا ولد الطفل في السجن، لا ينبغي أن يذكر ذلك في شهادة ميلاده. | حين يكون من المسموح به بقاء الأطفال الرضع إلى جانب أمهاتهم في السجن، تتخذ التدابير اللازمة لتوفير دار حضانة مجهزة بموظفين مؤهلين، يوضع فيها الرضع خلال الفترات التي لا يكونون أثناءها في رعاية أمهاتهم. | يقوم الطبيب بفحص كل سجين في أقرب وقت ممكن بعد دخوله السجن، ثم بفحصه بعد ذلك كلما اقتضت الضرورة، بغية اكتشاف أي مرض جسدي أو عقلي يمكن أن يكون مصابا به واتخاذ جميع التدابير الضرورية لعلاجه، وعزل السجناء الذين يشك في كونهم مصابين بأمراض معدية أو سارية، وتبيان جوانب القصور الجسدية أو العقلية التي يمكن أن تشكل عائقا دون إعادة التأهيل، والبت في الطاقة البدنية على العمل لدى كل سجين. |
صورة تعبيرية عن أوضاع السجون – المصدر أرشيف إعلامي
الإهمال الطبي في السجون المصرية
في مصر ومع تزايد أعداد السجناء السياسيين بشكل غير مسبوق خلال السنوات الاثنى عشر الأخيرة، تزايدت الشكاوى حول الإهمال الطبي المتعمد للسجناء، والتي وصلت في بعض الحالات إلى الوفاة، وذلك بالمخالفة لكافة الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق السجناء. | أغفلت التشريعات المصرية العديد من أسس تقديم الرعاية الطبية للسجناء، التي اشتملت عليها التشريعات الدولية، وفي واقع الأمر لم يضع قانون تنظيم السجون أي شروط أو قواعد حقيقية لتقديم الرعاية الطبية سوى ما نص عليه من وجود طبيب مداوم في السجن. | لم تضع التشريعات الوطنية أيضا أي نصوص متعلقة بتوفير الأدوية والأدوات الطبية اللازمة لتوفير الرعاية الصحية للسجناء، أو بتوفير أطباء في تخصصات مختلفة أو الحق في عرض السجين المريض بسرعة وبدون إبطاء علي الطبيب. لم تضع أي قواعد متعلقة بتقديم الرعاية الطبية للسجناء ذوي الأمراض المزمنة أو الكبار في السن أو الاحتفاظ بتقارير طبية حول حالات السجناء. |
جاء في لائحة تنظيم السجون في المادة رقم 33 في نقطتها الأولى أن على مأمور السجن تنفيذ ما يشير به طبيب السجن فيما يختص بتعديل معاملة مسجون وفق ما تستدعيه حالته الصحية، ثم يعطي الحق لمأمور السجن بالتحفظ على التوصيات التي انتهى إليها الطبيب في نقطته الثانية وفي هذه الحالة يرفع الأمر إلى إدارة الخدمات الطبية بالسجون لتشكيل لجنة للنظر فيما قرره طبيب السجن، الأمر الذي يستغرق فترات زمنية طويلة يمكن أن تشكل خطرًا بالغًا على صحة السجناء وهو ما يحدث بالفعل حيث يفقد العشرات من المسجونين حياتهم نتيجة الإهمال الطبي في السجون المصرية. | ناشدت المفوضية المصرية للحقوق والحريات السلطات المصرية على مدار سنوات تقديم الرعاية الطبية المناسبة للسجناء، ونشرت تقارير مختلفة مسلطة الضوء على الوضع المتردي للعديد منهم، وكذلك شاركت شكاوى المعتقلين، والتي نادرا ما تلقى صدى أو استجابة من قبل المسؤولين. | خلال النصف الثاني من عام 2024 قدمت المفوضية المصرية دعما قانونيا لأكثر من 20 محتجز على خلفية شكاوي تتعلق بالااهمال الطبي. |
صورة توضيحية لأوضاع السجون المصرية – المصدر “أرشيف صحفي”