اصدارات

التمييز العنصري وخطره على السلام العالمي بقلم / آمال خليفه

مقال رأي

طالبة بكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية

يحتفل باليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري سنويًا في اليوم الذي أطلقت فيه الشرطة في شاربفيل بجنوب إفريقيا النار وقتلت 69 شخصًا كانوا مشاركين في مظاهرة سلمية ضد “قوانين المرور” المفروضة من قبل نظام الفصل العنصري في عام 1960.

وفي عام 1979، اعتمدت الجمعية العامة برنامج الأنشطة التي يتعين الاضطلاع بها خلال النصف الثاني من عقد العمل لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري. وفي تلك المناسبة، قررت الجمعية العامة أن أسبوع التضامن مع الشعوب التي تكافح ضد العنصرية والتمييز العنصري، يبدأ في 21 آذار/مارس، ويحتفل به سنويا في جميع الدول.

 

ماذا يقصد بالتمييز العنصري

ظهرت كلمة التمييز منذ عقود فلم تكن وليدة اللحظة فقد بل وجدت منذ زمن وتطورت مرة بعد مرة، وأشهر مثال على ذلك هو التمييز العنصري الذي مارسته الأغلبية البيضاء ضد الأقلية السوداء في الولايات المتحدة الأمريكية على الرغم من كونها دولة تعتبر نفسها الرائدة في الحرية المدنية والمساواة والعدل إلا أنها عاشت فترة طويلة تعاني من ذلك التميز بل مازالت تعاني منه حتى الآن ليس بالصورة المباشرة أو المتعصبة كما السابق، وغيرها من المناطق التي عانت من التمييز بكل صورة وأشكاله.

تعددت التعريفات حول مفهوم التمييز العنصري ومنها:- 

التمييز العنصري هو التعبير غير القانوني للعنصرية. فهو يتضمن أي عمل سواء كان بقصد أو بغيره والذي ينتج عن استبعاد أشخاص على أساس العنصر وفرض أعباء عليهم وليس على غيرهم أو حجب أو تحديد حصولهم على الامتيازات المتاحة لبقية أفراد المجتمع، في مجالات يغطيها القانون، العنصر هو عامل واحد إذا ما وجد في وضع يمارس فيه التمييز العنصري”.

“التمييز العنصري هو التقليل من قيمة الأشخاص وإقْصَائِهم على أساس خصائص جسدية أو ثقافية تعسفية مُفترضة والتي تُنسب إليهم من الخارج. هذه الخصائص تُبنى من قِبل أطراف بارزة في المجتمع على أساس إيديولوجيات عنصرية عمرها مئات القرون. هكذا يتم تقسيم الناس إلى مجموعات مثل البيض مقابل السود. الأشخاص الذين لا يوصفون بأنهم بيض يجدون صعوبة في الوصول أو عدم الوصول إلى الموارد والحقوق المادية وغير المادية”، يُجرّد التمييز العنصري الناس من إنسانيتهم حيث يُنسب إليهم الصفات السيئة والدونية مقارنة مع الفِئَة السائدة. هذا كله يُفْضي”

التمييز العنصري بأنه «شعور إنسان ما بتفوق عنصره البشري الذي ينتمي إليه (سواءً على مستوى اللون أم الجنس أم على أي مستوى من خصائص الإنسانية)، وينشأ بالضرورة من هذا الشعور الغير سوي سلوك عدواني عنصري؛ لأنه يعزز من اعتقاد المرء بوجود تمايز بينه وبين الغير والآخر، مما يستوجب سيادة النظرة بوجود تفاوت بينه وبين مثيله الإنسان، ثم لتكبر تلك النظرة المرضية إلى النظرة بالتفاوت بين الأجناس، فيقرر من يؤمن بالنظرة العنصرية أن جنسه أعلى من جنس الآخر مما يبرر له السيطرة عليهم بقهرهم والانتقاص من إنسانيتهم والحطّ من قيمة كرامتهم الآدمية، وكذلك الاعتداء عليهم لكي يذعنوا لقدرهم التاريخي بأنهم الأقل قيمة ومكانة وبالتالي الأقل بجدوى الحياة».

مما تم سرده يمكن القول إن التمييز العنصري هو «أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني، ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها على قدم المساواة في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة».

دوافع التمييز العنصري 

وقد ظهرت العديد من الدوافع التي جعلت من التمييز العنصري نمط حياة قائم على الاستعلاء من جهة والاستبعاد من الحياة من جهة أخرى حيث يعاني الأفراد من تكيل بمكيالين بين السكان فيمكن القول إن التمييز العنصري كان عبارة عن خطة مبرمجة متوازية لتحقيق دوافعها ومن تلك الدوافع 

  1. الدوافع الاقتصادية:- 

حاول الأوروبيين في جنوب افريقيا زيادة ثروتهم عن طريق الثراء السريع باستغلال السود الأفارقة ونشر الدونية بينهم حتى استطاعوا السيطرة على الاقتصاد في جنوب إفريقيا على الرغم من أن التفرقة هم للأغلبية وسكان الأرض وهنا يمكن الإشارة إلى أن التمييز العنصري لا يشترط ممارسته على الأقلية السكانية فقط.

  1. الدوافع العسكرية والاستراتيجية:- 

من البديهي أن يحتاج الأوروبيون إلى من يحتفظ على تلك الثروة والعمران التي عملت جاهدة للحصول عليها لذلك حاول بجعل الافرقة لا يقوم على فعل شيء دون أمر منهم فكان لا مفر لهم من تنفيذ الأوامر.

  1. الدوافع السياسية:- 

عندما نحاول تلك الدول فعل ما يحلو لهم وهنا أنا أقصد بكلامي دول الشمال أو الغرب أو الدول المتقدمة دون أن تترك ندوب أو إدانة من العالم السياسي فهي تسعى وتحاول تبرير وتفسير ما تقوم به على أنه خدمة إلى تلك الدول المتخلفة التى تحتاج الى معلم أو موجه لهم من أجل الاستمرار واستكمالا على مثال قارة أفريقيا فقد عمل الأوروبيون إلى تقديم عذر نشر الثقافة الأوربية المتقدمة في جنوب أفريقيا من أجل إتاحة الفرصة لهم للتقدم.

  1. الدوافع الاجتماعية:- 

في الغالب تسعى الأنظمة الاستيطانية إلى وضع نظام اجتماعي فذلك يعتبر الخطوة الأولى التي تحققها فمن خلال التسلسل الهرمي أو الهيراركية الاجتماعية تسيطر الجماعة التي تمارس التمييز على مناحي الحياة من اقتصاد ونظام عسكري وغيره من الأنظمة الأخرى لذلك لجأت الأقلية البيضاء في افريقيا والأغلبية البيضاء في الولايات المتحدة الأمريكية إلى جعل الفارق الاجتماعي شاسع جنى لا يتمكن المضطهدون اللاحق بركب النظام.

تاريخ التمييز العنصري

كما تم الإشارة سابقا إلى أن التمييز العنصري عانى منه العالم على مر التاريخ وهو كذلك تعرض إلى التطور ويمكن عرض ذلك خلال عدد من السطور التالية.

وجد التمييز على مدى العصور في آسيا وأوروبا وإفريقيا وأمريكا؛ منذ اليونان والرومان والصليبيين ولغاية عصرنا الراهن بمختلف صوره وعباراته ومفرداته العرقية، فقبل ألفي عاما استعْبد الإغريق القدماء والرومان الشعوب التي اعتبروها أدنى منهم حسب الهرم الاجتماعي، وظل الصينيّون لمئات من السنين في القرن الثالث عشر الميلادي ينظرون إلى الغربيين على أنهم «بيض همج كثيفو الشعر»، كما نظر المستوطنون البيض في أستراليا إلى السكان الأصليين على أنهم أدنى مرتبة وكانوا مهاجرين إليها ووضع كثير من البِيض في الولايات المتحدة – منذ القرن السابع عشر حتى منتصف القرن التاسع عشر الميلاديين – كثيراً من السود تحت نير الاسترقاق الذي كان سبباً رئيسياً في قيام الحرب الأهلية الأمريكية (1861- 1865م)، بالإضافة الهرسك التي مارست جميع أنواع الإبادة الجماعية والفردية بذريعة تطهير العرق، فقتل من جرّاء ذلك آلاف البوسنيين، وحتى اليوم ونحن نعيش في القرن 21 لعام 2023 مازالت واشنطن تعاني من التمييز، وعلى الرغم من تحرير الرقيق ومنع وجودة في العالم منذ ستينات القرن العشرين إلا أن التمييز اتخذ صورة جديدة على حساب اللون أو الجنس أو الأصل أو حتى الدين حتى ظهر مفهوم الإسلام فوبيا بعد حادثة انفجار برجي التجارة العالمي في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001 فأصبح أي شخص مسلم ملتحي أو غير ملتحي هو إرهابي ، فالتمييز كان يقتصر على مصالح الفئة الممارسة للتميز لكن اليوم أصبح الأمر في كل مناحي الحياة التي نعيشها لأسباب عدة أو لدوافع خفية.

 

صور من الاعتداءات في جنوب أفريقيا – المصدر الانترنت

خطر التمييز العنصري على السلام العالمي يكمن في اتباع سياسة الكيل بمكيالين يمكن ضرب مثال كتباع دولة معينة نهج أو أسلوب في العلاقات الدولية على أساس تمييز عنصري هنا لن يقتصر الأمر على الأفراد لكن تكون فئة معينة هي المقصودة اتخاذ إجراء معين تجاه رعايا الدولة لكونها مجرد انتمائهم لدولة أو فئة معينة، هذا سيخلق حالة من التوتر العلاقات بين الدول الأمر الذي يرمي بظلاله على المجتمع الدولي.

وخير مثال يعيشه العالم على التمييز العنصري الفج الذي يمارس ضد الشعب الفلسطيني من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي من أنواع الإبادة الجماعية، استهداف البنية التحتية، والقتل واستهداف النساء والأطفال المدنيين، والرجال العزل، والتهجير القسري بالإضافة إلى الأسر العشوائي بشكل مستمر لكن أليس هذا يعتبر انتهاك إلى قواعد القانون الدولي المعاصر فمنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية سعت الدول الكبرى على وضع قواعد دولية تتبعها دول العالم والمنظمات الدولية في عدد من المؤتمرات منها اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، اتفاقية منع واستخدام الإبادة الجماعية عام 1984، التي حرمت كل ما تفعله اسرائيل ضد فلسطين، لكن خلال القرن 21 نشهد تلك الانتهاكات دون تحريك ساكن من دول العالم أو المنظمات التي نص ميثاق إنشائها وأشهرهم ميثاق الأمم المتحدة فما نشهده اليوم ما هو إلا أبشع صورة من صور التمييز العنصري وانتهاك القواعد الدولية، وأخيرا وضعت الأمم المتحدة العديد من المواد التي يجب على الدول اتباعها لكن يظهر هنا مشكلة اتباع الدولة السياسات التي تخدم مصلحتها مثل ما يحدث الآن في دولة فلسطين.

جنوب أفريقيا تنتصر لتاريخها فى مواجهة الفصل العنصري – دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل 

في 29 من ديسمبر لعام 2023 رفن جنوب افريقيا دعوى قضائية تمام محكمة العدل الدولية بشأن الانتهاكات التي ترتكبها اسرائيل في حق الشعب الفلسطيني، حيث تمارس اسرائيل الإبادة الجماعية والقذف للبنية التحتية منذ 7 من أكتوبر لحظة انطلاق عملية طوفان الأقصى حيث لم تمنع الحكومة الإسرائيلية الابادة الجماعية بالإضافة إلى التحريض العلني الإبادة وخطاب الكراهية حيث وصل الأمر التي تسلح المدنيين بسلاح كما طلب وزير الخارجية الإسرائيلي وقد ظهر ذلك علنا في الأوساط الإعلامية خلال ظهور مذيعة اسرائيلية تحمل مسدسا وتفتخر بذلك، طلبت جنوب أفريقيا من المحكمة الإشارة إلى تدابير مؤقتة من أجل حماية الفلسطينيين في غزة “من أي ضرر جسيم إضافي وغير قابل للإصلاح” بموجب الاتفاقية ولضمان “امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية بعدم المشاركة في الإبادة الجماعية، ومنعها والمعاقبة عليها”، في النهاية اعتقد أن الأمر لن ينتهي لصالح فلسطين خاصة أن محكمة العدل الدولية تسير في ركاب الأمم المتحدة التي يتم السيطرة عليها من قبل الولايات المتحدة أو الدول الأعضاء الدائمين، سيعيد التاريخ نفسه من جديد كما رفض مجلس الأمن اتخاذ تدابير عند اختلال العراق من قبل واشنطن وعجز الأمم المتحدة لاتخاذ قرار فعلي، وادانة فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية حيث رفعت محكمة العدل الدولية دعوة تطالب بوتين بالمثول أمام المحكمة بدعوة ارتكاب جرائم حرب في حق الشغل الأوكراني لكن لم استطع المحكمة أخذ موقف فعلي ضده لذلك نأمل أن تسير الأمور على غير عادتها ووتيرتها المعتادة.

 

نتمنى لكم قراءة ممتعة للحصول على نسخة من المجلة: https://tinyurl.com/ecrfmagazin

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى