بيانات صحفيةبيانات صحفية-الحق في السكن

في اليوم العالمي للموئل المفوضية المصرية للحقوق والحريات تطالب بتبني اللامركزية والمشاركة المجتمعية والشفافية في صياغة سياسات الإسكان

بيان صحقي

3/10/2016

ان المفوضية المصرية للحقوق والحريات في اليوم العالمي للموئل (الإسكان) تثمن كل دور تقوم به أية جهة للنهوض بالسكن  وحل مشكلة الإسكان، الا انها تستنكر الضعف والقصور الفكري لدي صانعي القرار بالدولة، وواضعي المخططات الاستراتيجية في عدم اجراء الدراسات الكافية لوضع المخططات التي تأتي دائما بعكس أهدافها وزيادة الكثافة السكانية على العاصمة والمدن الكبرى، واهمال دور المشاركة المجتمعية في تحقيق التنمية، وتأمل أن تسعي الدولة نحو نظام اللامركزية، حيث تبين من معظم دراسات الدول وتجاربها في عملية صنع القرار أن الدول اللامركزية أكثر نجاحا من نظريتها المعتمدة على النظام المركزي في إدارة أمورها، فإن المركزية تعنى الانفراد بصنع القرار من قبل المسئولين في الحكومة أو انفراد رأس السلطة بصناعة القرار وحده، وفي هذه الصورة تجسيد لدولة الفرد الواحد بما تحمل من قصور في الفكر قد تجعل المسئول لا يري خارج نطاق بيئته الكائن بها، بالتالي يصعب على الافراد المحافظة على بيئة خلقت لهم لا تتناسب مع ثقافتهم المجتمعية أو ظروف معيشتهم، وتعني اللامركزية اشراك افراد المجتمعات في تحديد مصير حياتهم سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، فمن هنا ينشأ عند الفرد ثقافة الانتماء والمحافظة بأن هذا المكان أو المنشأ هو من صنع قراره وتدخل في انشائه بالتالي فإن أمر المحافظة عليه من الأمور المسلم بها لدي الفرد.

لقد مرت سياسة الإسكان المصرية بالعديد من المراحل المختلفة والمتقلبة خلال فترات زمنية متباينة، برزت بعد التحول من الملكية الى الجمهورية، خلال حكم أربعة رؤساء بحكوماتهم المتخلفة.

اعقاب احداث 1952 الى الان شهد الإسكان اصدار عدة قوانين لتحديد العلاقة بين المالك والمستأجر، تم إصدار سلسلة قوانين لتخفيض الإيجار وتقييد حق المالك في طرد الساكن مع نهاية العقد بشروط:

  • قانون رقم ۹۹ لسنة ٥۲. تخفيض الايجار بنسبة ۱٥% على العقارات المنشأة من ۱/۱/۱۹٤٤ حتى ۱۸/۹/۱۹٥۲.
  • قانون رقم ٥٥ لسنة ٥۸. تخفيض الايجار بنسبة ۲۰% على العقارات المنشأة من ۱۸/۹/۱۹٥۲ حتى ۱۱/٦/۱۹٥۸.
  • قانون رقم ۱٦۸ لسنة ٦۱. تخفيض الايجار بنسبة ۱۰% على العقارات المنشأة من ۱۱/٦/۱۹٥۸ حتى ٥/۱۱/۱۹٦۱.

القانون رقم 169 لسنة 1961 بتقرير بعض الإعفاءات من الضريبة على العقارات المبنية وخفض الإيجارات بمقدار الإعفاءات

قانون -رقم 46 -لسنة 1962 بشأن تحديد إيجار الأماكن قانونا.

قانون -رقم 7 -لسنة 1965 تخفيض الايجار بنسبة 20% للأماكن الخاضعة لأحكام المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952 والقانونين رقم 55 لسنة 1958 ورقم 168 لسنة 1961 اعتبارا من الأجرة المستحقة عن شهر مارس سنة 1965.

  • بناء المساكن ذات التكلفة المنخفضة (اسكان المحافظات) بشكل واسع.
  • انشاء الاحياء السكنية للعمال والموظفين بجوار المراكز الصناعية الجديدة.
  • التوسع في الاسكان الحكومي المتوسط.

الامر الذي أدى الى العزوف عن بناء المساكن بسبب القيمة الإيجارية المنخفضة، وعام 1961 تم تأميم الشركات الخاصة، وآلت ادارتها الى وزارة الإسكان وسيطرة الدولة على الإسكان وتدخلت فيه بشكل مباشر وأنشأت في كل محافظة “إدارة شئون الإسكان” تختص بالتراخيص ومراقبة إقامة المباني ومخالفاتها، دون المساس بالمنشآت التي تقيمها القوات المسلحة.

ونتيجة للتحول الى الاشتراكية أصبح كل رؤساء الشركات موظفون لدى الدولة، مما أدى الى فقدان قيمة المنافسة او الجودة المطلوبة، اصبحت الوزارات مع التأميمات هي القابضة على إدارة الشركات التي أممت، توفرت للدولة الاف العمارات المؤممة، وكان منح هذه الشقق والقصور من، قضايا المحسوبية واستخدام السلطة.

ظلت القوانين كما هي لتمد الى فترة حكم السادات حتى أصدر القانون ١٣٦ لعام 19٨١ بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والذى حد من سلطة المؤجر في تحديد الاجرة ووضع قواعد وإجراءات لتحديد أجرة الأماكن وحد من سلطة الملاك في البيع للتمليك واشترط تأجير ثلثين مساحة المبنى ، ونظم قواعد امتداد عقود إيجار العقارات في حالة انتهاء المدة او وفاة المستأجر ، وأصدر قرار جمهوري سنة 1996 بتنظيم وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية حيث تم تحديد اختصاصات الوزارة في رسم سياسة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية، ودراسة وإعداد خطط وبرامج التنمية العمرانية، وغيرها من وضع برامج التدريب، ووضع المعايير والنماذج والمعدلات.

وبدأ في السبعينات عصر الانفتاح، والسوق الخاص، والقطاعات الخاصة، والاعتماد على الاستثمارات الخارجية، وأهمل أصحاب الدخل المحدود، وارتفعت أسعار الأراضي وتكلفة المباني، وظهرت الهجرة للدول العربية والتي اثرت على تقليل العمالة بمصر، وظهرت ما يعرف بمقدمات الشقق والخلو، وتوقف بناء المساكن منخفضة التكلفة من قبل الدولة، وظهر الإسكان العشوائي بكثافة بديلا لتلك المساكن.

ومع تولي مبارك زمام الحكم حرر العلاقة بين المالك والمستأجر، عندما أصدر قانون رقم ٤ في ٣٠ يناير عام 1996، (بالإيجارات الجديدة) بشأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها والأماكن التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها وهو ما سحب يد الدولة من تحديد الاجرة أو تقييد سلطة المالك في اخلاء العقار، الامر الذي فتح الباب أمام أصحاب المصالح والمستثمرين في استغلال المؤجر والتحكم في أسعار الوحدات والقيمة الايجارية لها حسب أماكن تواجدها، فازداد الإسكان العشوائي بشكل كبير واستمر في التضخم وازداد إسكان المقابر.

ووفق احصاء الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء عام 2006 أن حجم المناطق العشوائية بمصر بلغ نحو 1221 منطقة حيث جاءت محافظة القاهرة في المركز الاول في عدد المناطق العشوائية بنحو 81 منطقة منهم 12 منطقة مطلوب ازالتها و 67 منطقة تحتاج لإعادة تطويرها وجاءت محافظة الاسكندرية في المركز الثاني بنحو 41 منطقة عشوائية منهم 8 مناطق تحتاج الى الازالة و33 منطقة تحتاج الى اعادة التطوير وجاءت محافظة الجيزة في المركز الثالث حيث بلغ عدد المناطق العشوائية بها نحو 32 منطقة منهم 4 مناطق مطلوب ازالتها و28 منطقة مطلوب اعادة تطويرها والباقي يتوزع على المحافظات الاخرى.

منذ 2006 الى الان لم يتم احصاء المناطق العشوائية الاخرى التي ظهرت حيث ان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء يجرى مسوحاته الميدانية كل 10 سنوات وهو الان بصدد اجراء المسح الميداني لعام 2016 ووفقا لتصريح اللواء ابوبكر الجندي رئيس الجهاز في 2016 ان التقديرات تشير الى زيادة المناطق العشوائية نحو 1020 منطقة اخرى.

في 2008 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 305 بإنشاء ما يسمى بـ ” صندوق تطوير المناطق العشوائية ” التابع لرئاسة مجلس الوزراء، حيث يهدف الصندوق إلى حصر المناطق العشوائية وتطويرها، وتنميتها، ووضع الخطة اللازمة لتخطيطها عمرانياً، وإمدادها بالمرافق الأساسية، من مياه وصرف صحي وكهرباء. ويباشر الصندوق اختصاصاته بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية ووحدات الإدارة المحلية، وعلى هذه الجهات إمداده بالمعلومات والخبرات والمساعدات اللازمة، وقد اعد الجهاز حصر بجميع المناطق العشوائية غير الآمنة والتي بلغ عددها نحو 383 منطقة تنقسم درجة خطورتها على أربعة تصنيفات (أ، ب، ج، د)

حيث تضمنت كل محافظة على عدد من المناطق غير الآمنة كما يلي:

القاهرة 57
قنا 37
الجيزة 33
كفر الشيخ 22
الدقهلية 21
الإسماعيلية 20
القليوبية 18
الأقصر 18
بني سويف 17
الشرقية 14
سوهاج 14
الغربية 12
البحر الأحمر 11
المنوفية 10
اسوان 10
البحيرة 9
جنوب سيناء 9
المنيا 9
الإسكندرية 8
مطروح 8
بورسعيد 6
السويس 5
الوادي الجديد 5
أسيوط 4
دمياط 3
الفيوم 3
الاجمــــــــالي 383

عجز الدولة عن توفير السكن وسحب يدها من تنظيم الايجار والبناء للفقراء الى ظهور العشوائيات كمحاولة ذاتية لحل مشكلة ندرة السكن، وكان من صور العشوائيات ليس فقط البناء العشوائي ولكن البناء العشوائي على أراضي الدولة ،فتشتت الجهات الحكومية المالكة لأراضي الدولة أظهرت ما يسمى بوضع اليد من قبل افراد من المواطنين بالقوة وبالتالي تتشتت المسئولية في المحاسبة، وقبل الانتخابات الرئاسية في عام 2005 تضمن البرنامج الانتخابي لمرشح الحزب الوطني ” مبارك” بند تقنيين اوضاع العشوائيات، فصدر القانون رقم 148 – لسنة 2006 بشأن تعديل بعض أحكام قانون المناقصات والمزايدات واجاز التصرف في العقارات المخالفة على ارض الدولة لواضعي اليد عليها ، وكان قد سبقه القانون رقم 138 لسنة 2006 والخاص بإدخال المرافق في العقارات المخالفة المقامة قبل العمل بهذا القانون .

وقد اكتشف جهاز حماية أملاك الدولة نهب 14 مليون فدان، ثم ظهر ما يعرف بـ التصالح مع واضعي اليد‏” وخاصه تلك الاراضي التي تقع على السواحل‏. حيث تقوم اللجنة المشكلة من الهيئة العامة للإصلاح ببحث وضع تلك الاراضي وتضم ممثلين عن مديريات المساحة والشهر العقاري والتخطيط العمراني وتعرض هذه اللجنة نتائج المعاينة علي لجنه اخري تسمي لجنه البيع لكي تأخذ بسجل الاسعار الذي حددته هيئه المساحة ‏,‏ وبعد ذلك يحصل من استولي علي الاراضي علي رخصه لكي يبيع المتر بأضعاف اضعاف ما تحصل عليه، ووصل التسيب ان قبائل “اولاد علي” ادعت ملكيتها للساحل الشمالي وبهذه الطريقة قامت ببيعه للجمعيات وشركات الاسكان‏.‏ اما الدفاتر الرسمية المدون فيها املاك الدولة فتعود الي عام ‏1930‏ بدون خرائط التي لم تظهر الا عام‏ 1967‏ وكما هو واضح فإنها تعود لأيام لم تكن هناك ضواحي مثل مدينه نصر ومصر الجديدة وشارع الهرم وفيصل والمهندسين ووقتها كان يحق لأي فرد ان يمتلك الارض التي يتطوع لردمها بالتراب وتجفيف المستنقعات‏.

ثم توزعت أراضي الدولة بين عدة جهات كالجمعيات واستصلاح الأراضي، والتنمية الزراعية، والسياحة والمجتمعات العمرانية الجديدة، والري والسكة الحديد، والطرق والكباري والاوقاف، بالتالي خلقت مشاكل ما يعرف بحدود المحافظات، ومع وجود القانون رقم 43 لسنة 1979 الخاص بالإدارة المحلية حيث حدد أن المجلس المحلى للمحافظة هو المسئول عن تخصيص الأراضي بالتالي لا يملك المحافظ أي صلاحية في التخصيص أو التوزيع.

ولمواجهة قضية العشوائيات، اتجهت الحكومة المصرية الى انشاء ما يعرف بالمجتمعات العمرانية الجديدة، بعضها وحدات سكنية كاملة المرافق، وبعضها ما يعرف بـ “المسكن النواة” وهو توفير الأرض وبعض المرافق.

مثل مدن “السادات، 6 أكتوبر، العاشر من رمضان، 15 مايو، برج العرب الجديدة دمياط الجديدة، الصالحية الجديدة، العبور، الشروق، القاهرة الجديدة، الشيخ زايد، بدر، بني سويف الجديدة، النوبارية الجديدة، المنيا الجديدة، أسيوط الجديدة، طيبة الجديدة، سوهاج الجديدة، أسوان الجديدة، الفيوم الجديدة، قنا الجديدة، شمال خليج السويس، أخميم الجديدة، الأقصر الجديدة، توشكي الجديدة، شرق العوينات، شرق بور سعيد – المليونية، العلمين الجديدة، الفرافرة الجديدة.

وبداخل المدن الجديدة تم انشاء العديد من مشروعات الإسكان المستقلة عن المجتمعات العمرانية الجديدة مثل: مشروع مبارك لإسكان الشباب، ومشاريع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، ومشاريع بنك التعمير والإسكان، ومشروع ابني بيتك، ومشروع دار مصر، ومشروع الإسكان الاجتماعي “المليون وحدة سكنية”، ومشروع دار مصر.

وواجهت أيضا المجتمعات العمرانية الجديدة مشاكل في زيادة التكلفة وبالتالي عدم مقدرة الفئات المستهدفة من الحصول على الوحدات السكنية المنشأة لهم، وظهور فكرة أو نظام “المضاربة” على الوحدات السكنية من رجال الاعمال.

ولم تنجح بعض المدن أيضا في تحقيق اهدافها بسبب القصور في فكر تخطيط المجتمعات العمرانية الجديدة وعدم وضع المحددات التي تمنع من نموها تجاه العاصمة ونموها حيث ما كانت مخططة له في اتجاه الصحراء، بالتالي ازدادت الكثافة السكانية على العاصمة وقلت نسب الاشغالات فيها حتى أطلق عليها في التسعينات “مدن الاشباح”، ويرجع ذلك لعدة أسباب منها:

  • الافتقاد الى عملية المشاركة المجتمعية في التخطيط
  • عدم ملائمة عملية التخطيط لمنهجية التخطيط Master Plane، فيتعذر تقدير المتغيرات المستقبلية وحجم السكان.
  • المبالغة في تقدير احجام السكان، بالتالي يتم اهدار الكثير من الاستثمارات الحكومية.

ولم تنجح المدن الجديدة في استيعاب الزيادة السكانية الموجودة في القاهرة والإسكندرية وجذب الهجرة من الريف الى الحضر بسبب:

  • عدم ملائمة الموقع.
  • عدم توفير الخدمات بشكل كامل.
  • فرص العمل الغير متوفرة للسكان بها.
  • العوامل الاجتماعية، فإنها تكون أكثر عزلة من المناطق القائمة نفسها.

فبالتالي وجد نمو عمراني على أطراف المدن تجاه المحاور التي تربطها بالمدينة الام عكس المخطط لها مثل:

  • اتجاه نمــــــو مدينـــــــة 6 أكتــــوبر نحو محور القاهرة/الإسكندرية ومحور الواحات/الفيوم وكان مفترض نموها شمالا تجاه الأراضي الصحراوية.
  • نمــــــو مدينـــــة برج العرب تجاه مطار غرب الإسكندرية بدلا من اتجاها غربا في الأراضي الصحراوية.

وان المفوضية المصرية للحقوق والحريات على أتم الاستعداد ان تشارك الدولة عمليات المشورة في صنع القرار واجراء الأبحاث والدراسات الميدانية، من أجل وطن يحمي انسانيتنا.

 
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى