اصدارات

انتخابات الرئاسة والأحزاب والقبض على النشطاء.. السلطة تضيق الخناق على العمل العام.. وشروط المعارضة للمشاركة في “الحوار الوطني”

تقرير صحفي

.

شهدت الأحزاب السياسية المصرية، خلال السنوات الماضية، سلسلة من عمليات التضييق على تحركاتها، تهدف السلطة من خلالها إلى فرض الرقابة على كل ما يتعلق بالعمل الحزبي في مصر، كجزء من حملة التضييق التي تمارسها السلطات ضد المعارضة والصحافة والإعلام والمجتمع المدني.

وخلال السنوات الماضية، ألقت قوات الأمن المصرية القبض العشرات من أعضاء وقيادات الأحزاب السياسية، إلى جانب فرض تضييق على محاولات الأحزاب التي مازالت تحت التأسيس لإكمال أوراقها واتخاذ الشكل القانوني المناسب وفقا لقانون الأحزاب، فيما كانت أخر عمليات القبض، قبل الانتخابات الرئاسية المصرية 2024، والتي شهدت القبض على العشرات من أعضاء وأنصار حملة أحد المرشحين الرئاسيين.

الانتخابات الرئاسية 2024

قبل الانتخابات الرئاسية السابقة، اجتمعت عدة أحزاب سياسية معارضة بـ”الحركة المدنية الديمقراطية”، ووضعت شروطها للمشاركة في الانتخابات الرئاسية في ابريل 2023، أي قبل إجراء الانتخابات بأكثر من 7 أشهر، والتي تمثلت في:

1-  حرية وسائل الإعلام بمختلف أنواعها وإتاحة فرص متكافئة لجميع المرشحين

2-  حياد مؤسسات الدولة ووقوفها على مسافة واحدة من كافة المرشحين

3-  ضمان سلامة المرشحين ومساعديهم ومندوبيهم والناخبين

4-  التزام المرشحين باحترام المدد الرئاسية التي ينص عليها الدستور

5-  الالتزام بالقوانين واللوائح من حيث شفافية التمويل والإنفاق والصمت الانتخابي

6-  مراقبة الانتخابات من قبل هيئات ومنظمات محلية ودولية مشهود لها بالحياد

7-  استقلال ونزاهة وشفافية الهيئة المشرفة والمديرة للعملية الانتخابية

مرشحو الأحزاب السياسية

وعقب إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات الجدول الزمني للعملية الانتخابية، أعلن سياسيون وقيادات حزبية خوضهم الانتخابات، وتحديدا السياسي فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وجميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور، ولكن قبل غلق باب تقديم الأوراق أعلنت جميلة إسماعيل انسحابها من السباق الانتخابي التزاما منها بقرارات الهيئة العليا للحزب بعدم الدفع بأي مرشح.

وسبق انسحاب إسماعيل عدة إجراءات وصفتها أحزاب ومنظمات مجتمع مدني بأنها “قمعية” وتقييد الحق في الانتخاب، والتي تمثلت في منع أنصار بعض المرشحين من تحرير التوكيلات اللازمة للترشح، وعلى رأسهم المرشح السابق أحمد الطنطاوي الذي أعلن لاحقا انسحابه من الانتخابات بعدما “تم منعه” من إكمال عدد التوكيلات اللازمة.

فيما أدان فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي عملية التضييق على تحرير التوكيلات للطنطاوي، وطالب السلطات في مصر بالتوقف عن استهدافها للطنطاوي وأنصاره.

مقاطعة الانتخابات الرئاسية

وردا على هذه المطالب والإدانات، ألقت قوات الأمن القبض على عدد من أنصار وأعضاء حملة أحمد الطنطاوي، ووجهت لهم اتهامات تزوير أوراق خاصة بالعملية الانتخابية (توكيلات المواطنين)، وقررت إحالتهم جميعا إلى جانب أحمد الطنطاوي وأحمد أبو الديار مدير الحملة للمحاكمة.

وبعد أسابيع من المحاكمة أمام محكمة الجنح، أصدرت المحكمة حكمها بحبس الطنطاوي وأبو الديار عام مع كفالة 20 ألف جنيه لوقف تنفيذ الحكم لحين الاستئناف، إلى جانب الحكم بالحبس سنة مع النفاذ على 21 آخرين من أعضاء وأنصار الطنطاوي المحبوسين بالفعل، وهو ما دفع أحزاب وشخصيات سياسية إلى مقاطعة الانتخابات.

وفي 13 نوفمبر 2023، أعلنت 9 أحزاب و6 من الشخصيات العامة أعضاء بالحركة المدنية الديمقراطية، مقاطعتها للانتخابات الرئاسية، مؤكدين أن “الانتهاكات التي جرت خلال فترة الماضية أهدرت ضمانات الحيدة وأبسط قواعد المنافسة”.

وقال بيان مشترك آنذاك، إن ما جرى هو “إهدار لفرصة تغيير ديمقراطي آمن يفتح للشعب أبواب الأمل ويحقق رغبته في تغيير الشخوص والسياسات التي افضت بنا إلى هذه الأزمة العميقة التي تمسك بالبلاد وتهبط فيها كل يوم فئات جديدة تحت خط الفقر يداهمها الاحباط والياس الذي يسكب الزيت على النار مهددا بانفجار”.

وأضاف البيان، أن “في كل هذه الأجواء التي سيطرت عليها إجراءات الاقصاء وإنكار الحق في التعددية والتنوع، نؤكد رفضنا للمناخ والتدابير والإجراءات التي شابت العملية الانتخابية.. ونعلن تأكيدنا على أن هذا المشهد قد تحددت ملامحه ونتائجه سلفا وهو ما لا نقبله أو نرضى به لأنفسنا ولشعبنا”.

والأحزاب والشخصيات العامة التي أعلنت مقاطعة الانتخابات هي:

حزب التحالف الشعبي الاشتراكي

الحزب الاشتراكي المصري

حزب الدستور

الحزب الشيوعي المصري

حزب العيش والحرية

الحزب العربي الديموقراطي الناصري

حزب الكرامة

حزب المحافظين

حزب الوفاق القومي

حمدين صباحي

د. سمير عليش

د. عبد الجليل مصطفى

علاء الخيام

فاطمة خفاجي

د. مصطفي كامل السيد

الأحزاب والحوار الوطني

في مايو 2023، وقبل بدء جلسات الحوار الوطني، أعلنت أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية مشاركتها في الحوار الوطني وحضور جلسته الافتتاحية، وذلك عقب اجتماع ضد 12 حزبا سياسيا و12 شخصية عامة وسياسية، انتهى بالتصويت.

وقال خالد داود المتحدث باسم الحركة المدنية، إن الاجتماع تم فيه التصويت على المشاركة في الحوار المدني من عدمه، وكانت نتيجة التصويت الموافقة على المشاركة بأغلبية 13 من المشاركين، مقابل اعتراض 9 أصوات.

وبعد 3 أشهر من المشاركة في الجلسات والنقاشات، وفي 27 أغسطس 2023، أعلنت الحركة المدنية أن توصيات الحوار الوطني، التي رفعها مجلس أمناء الحوار الوطني لرئيس الجمهورية، لم تتضمن عددا من التوصيات الرئيسية للحركة في محاور الحوار الثلاثة السياسي والاقتصادي والاجتماعي

وقالت إن التوصيات لم تتضمن كل ما تقدمت به أحزاب الحركة المدنية المشاركة في الحوار، خاصة فيما يتعلق بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المطلوبة بشكل عاجل لضمان بدء مرحلة جديدة تسعى للتعامل مع ما يواجه مصر من تحديات جسيمة.

وأوضحت الحركة أن توصياتها التي تم تجاهلها تمثلت في:

1-  المطالبة بإطلاق سراح جميع سجناء الرأي الذين لم تثبت إدانتهم بأعمال عنف أو تخريب

2-  إطلاق حرية الرأي والتعبير بكل الطرق والأساليب وباستخدام جميع الوسائل المرئية والمسموعة والمكتوبة

3-  توفير الشروط والضمانات اللازمة لإجراء جميع الانتخابات القادمة في مصر (رئاسية وبرلمانية ومحليات) في أجواء من الحرية والنزاهة والشفافية وإتاحة الفرص المتكافئة للجميع للتنافس على الفوز بها، وفي مقدمتها الانتخابات الرئاسية

4-  إجراء الانتخابات البرلمانية والمجالس المحلية القادمة على أساس القوائم النسبية، التي تعكس الأوزان السياسية النسبية لجميع القوى والفعاليات السياسية والتي تعد الأقرب إلى التطبيق الديموقراطي السليم.

5-  إلغاء قانون الحبس الاحتياطي الحالي، والعودة إلى القانون القديم والذي حدد فترة الحبس الاحتياطي بمدة أقصاها ستة أشهر حتى لا يتحول الحبس الاحتياطي لعقوبة في حد ذاتها.

6-  إطلاق حرية تشكيل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والنقابات المستقلة والسماح لجميع فئات المجتمع بتنظيم أنفسهم في اطر واشكال ديموقراطية للدفاع عن مصالحهم.

الموقف من المشاركة في الجولة الثانية من الحوار الوطني

وعقب الانتخابات الرئاسية، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي استكمال الحوار الوطني ودعوة القوى السياسية والمجتمع المدني للمشاركة، ولكن الحركة المدنية الديمقراطية أعلنت أنها لن تشارك إلا حال تنفيذ مطالبها التي قدمتها من قبل وتم تجاهلها في التوصيات الختامية.

وهذا ما أعلنه السياسي والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، عضو الأمانة العامة للحركة المدنية الديمقراطية، في 30 يناير 2024، قائلا إن الحركة المدنية أنهت مشاركتها في الحوار الوطني بانتهاء جلساته قبيل انتخابات الرئاسة المصرية.

وأنه في حالة الدعوة لاستئناف الحوار الوطني مجددا بشكل رسمي فإن الامانة العامة للحركة المدنية اتفقت في اعقاب اجتماعها الأخير ان موقفها من المشاركة سيكون مرهونا بتنفيذ المطالب التي تقدمت بها مرارا منذ انطلاق الحوار وانتهاء أعمال معظم لجانه قبل الانتخابات الرئاسية:

1-  إقرار تعديل قانون الانتخابات واعتماد نظام القائمة النسبية

2-  تعديل قانون الحبس الاحتياطي الذي يسمح بحبس المواطنين لفترة تبلغ عامين في القضايا السياسية، والعودة للصياغة القديمة التي كانت تنص على عدم تجاوز الحبس الاحتياطي فترة ستة شهور

3-  الافراج عن سجناء الرأي بما فيهم المحبوسين اثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة والمتضامنين مع فلسطين في مواجهة العدوان الصهيوني.

4-  التوقف عن سياسة القاء القبض على المواطنين بسبب التعبير السلمي عن الرأي على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الإعلام.

5-  تخفيف القيود المفروضة على وسائل الإعلام وتمثيل مختلف التوجهات والآراء السياسية في المجتمع.

6-  رفع الحجب المفروض على المئات من المواقع الإخبارية، والحقوقية المحلية، والعربية، والدولية.

وأكد صباحي أن الحركة المدنية ترى بأنه من دون الاستجابة لهذه المطالب، فإن الحوار الوطني برمته لن يتمتع بالمصداقية المطلوبة ولن يمثل البداية المنتظرة لإصلاح سياسي حقيقي يتطلع إليه المصريون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى