تقاريرتقارير-حرية الصحافة والاعلام

العمل الصحفي في مصر “مشقة” يدفع الصحفيون ثمنها سنوات من أعمارهم في السجن.. وتضييق بالجملة على “حرية الصحافة”

حبس العشرات من الصحفيين.. وشكاوى من سوء أوضاع الاحتجاز.. واستمرار حجب المواقع الصحفية

في 2 نوفمبر من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، لذلك في هذا اليوم نسلط الضوء على أبرز الانتهاكات التي واجهت أبناء بلاط صاحبة الجلالة على مدار الأعوام الماضي، والتي على رأسها الحبس.

ورغم بنود الدستور والقوانين التي تكفل حرية الرأي والتعبير، لكن يظل الصحفي يواجه تكميما للأفواه بشكل مستمر، وانتهاكات عديدة من حبس وحجب المواقع أو المنع من الكتابة.

وبحسب المؤشر السنوي لحرية الصحافة العالمي لمنظمة” مراسلون بلا حدود” لعام 2022، فإن مصر جاء ترتيبها عالميا رقم 168 من أصل 180 دولة.

حبس الصحفيين

رصدت “المفوضية المصرية للحقوق والحريات” وحملة “أنقذوا حرية الرأي”، حبس 21 صحفيا، بعضهم تجاوز فترة الحبس الاحتياطي التي أقرها القانون المصري وآخرين جرى حبسهم خلال الفترة الماضية.

ومن الصحفيين الذين تجاوزوا مدة الحبس الاحتياطي، الصحفي “بدر محمد” رئيس تحرير جريدة الأسرة العربية سابقا، الذي ألقي القبض عليه، فجر 29 مارس2017، وذلك على ذمة القضية 316 لسنة 2017.

وفي 8 ديسمبر 2019، اختفى بدر حتى ظهر بنيابة أمن الدولة، في 22 فبراير 2020، على ذمة القضية رقم 1360 لسنة 2019 حصر أمن دولة بتهمة مشاركة جماعة إرهابية.

أيضا الصحفي محمد سعيد فهمي بجريدة الوطن القطرية، الذي ألقي القبض عليه، في 31 مايو 2018، وتعرض للاختفاء لمدة 45 يومًا قبل ظهوره بنيابة أمن الدولة والتحقيق معه في القضية رقم 441 لسنة 2018 بتهمة “الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة.”

وبعد نحو عامين من الحبس، صدر قرار بإخلاء سبيله، في 15 يوليو 2020، لكن تم إخفاؤه لمدة 4 أشهر، حتى ظهر بنيابة العجوزة، في 18 نوفمبر 2020 والتحقيق معه في القضية رقم 2727 لسنة 2020 جنح العجوزة. ظل رهن الحبس الاحتياطي حتى إخلاء سبيله بضمان مالي 5 آلاف جنيه.

لكن أثناء ترحيله، اختفى مرة أخرى لمدة شهر ونصف، ليظهر في 16 يناير 2021، على ذمة القضية رقم 955 لسنة 2020 حصر أمن دولة .

أيضا الصحفي عبد الرحمن عبد المنعم فراج بوكالة الأناضول، ظل قيد الاختفاء القسري لمدة 67 يوماً، بعد القبض عليه، يوم 25 نوفمبر 2018، ليظهر أمام نيابة أمن الدولة في القضية رقم 1365 لسنة 2019 حصر أمن دولة.

وعلى ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019، ألقي القبض على الصحفي مصطفى الخطيب، من منزله بتاريخ 13 أكتوبر 2019، وتم عرضه على نيابة أمن الدولة التي وجهت له تهمة  مشاركة جماعة إرهابية، ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة واساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

فيما ألقي القبض على الصحفي كريم إبراهيم، في 14 أبريل 2020، عقب وقوع حادث منطقة الأميرية الذي شهد تبادلا لإطلاق النار بين قوات الأمن وعناصر إرهابية، خاصة وأنه يسكن بنفس المنطقة التي شهدت الحادث.

ظهر إبراهيم بعد عدة أشهر من القبض عليه في مقر نيابة أمن الدولة العليا، وتم التحقيق معه في القضية رقم 569 لسنة 2020 حصر أمن دولة.

ومن منزله بالمنوفية، ألقت قوات الأمن القبض على الصحفي مدحت رمضان، في 28 مايو 2020. ظل رهن الاختفاء لمدة شهر حتى ظهر داخل نيابة أمن الدولة العليا يوم 27 يونيو 2020.

قررت النيابة حبسه على ذمة القضية رقم 680 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا. ووجهت النيابة إليه اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار وبيانات كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي .

وبنفس التهم، ألقت قوات الأمن القبض على الصحفي “أحمد سبيع”، فجر 27 نوفمبر 2020 من منزله. تعرض للاختفاء لمدة يومين، وظهر في القضية رقم 1111 لسنة 2020 حصر أمن دولة.

وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على سبيع – منذ 10 سنوات – في القضية المعروفة إعلاميا بـ “غرفة عمليات رابعة” انتهت بحكم البراءة، وإطلاق سراحه في مايو 2017.

اعتقال في المطار

اتسعت أعمال القبض على الصحفيين، وامتدت إلى العاملين بالخارجين فبمجرد وصولهم يجدوا أنفسهم مقيدين بالأصفاد. مثلما جرى مع الصحفي ربيع الشيخ، في أغسطس 2021، ألقي القبض عليه من مطار القاهرة عقب عودته من قطر، حيث كان يعمل صحفيا بالجزيرة. وتم ضمه على ذمة القضية رقم 1365 لسنة 2018 حصر أمن الدولة العليا بتهمة نشر أخبار كاذبة.

أيضا الصحفي بهاء الدين إبراهيم، ألقبض القبض عليه أثناء سفره من مطار برج العرب إلى الدوحة حيث مقر عمله في قناة الجزيرة، ألقي القبض عليه في فبراير 2020. وجرى حبسه على ذمة القضية 1365 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا. تعرض للإخفاء القسري لمدة 75 يومًا قبل ظهوره على ذمة القضية المذكورة.

ومن مطار برج العرب إلى مطار القاهرة، حيث ألقت قوات الأمن القبض على المصور مصطفى سعد يوسف، في 8 نوفمبر 2019، أثناء عودته من الدوحة.

 وهو الآن رهن الحبس الاحتياطي على ذمة القضية رقم 1365 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا.  وكان مصطفى يعمل “سينيور كاميرا مان” في شبكة الجزيرة الإخبارية القطرية، إلى جانب أنه مصور للعديد من الأفلام التسجيلية.

ومن داخل محبسه، اشتكى المصور مصطفى محمد سعد يوسف من سوء الأوضاع، خاصة وأنه يعاني من قصور في الشريان التاجي الأيمن والأيسر، وصمم في الأذن اليمنى، وبواسير من الدرجة الثالثة بحاجة للتدخل الجراحي، بحسب رسالة أرسلها لموقع “درب” التي نشرها نقلا عنه.

تدهور الحالة الصحية

تدهور الحالة الصحية وسوء الأوضاع داخل السجن، من المشكلات المستمرة التي تواجه الصحفيين خلال فترة سجنهم، حيث توجد عشرات الشكاوى نتيجة غياب الاهتمام الطبي.

الصحفي حمدي مختار، وشهرته “حمدي الزعيم”، الذي ألقي القبض عليه، في 5 يناير 2021، تم ترحيله إلى مستشفى عزل بمنطقة العباسية نتيجة ظهور أعراض الاشتباه في الإصابة بـ كورونا.

بجانب ذلك فهو يعاني من مرض السكر، وعدة انزلاقات في العمود الفقري، وهو ما أثبته أثناء تحقيق النيابة معه. جرى حبسه على ذمة القضية 955 لسنة 2020، بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار وبيانات كاذبة.

أيضا الصحفي توفيق غانم مصاب بمرض السكر ويحتاج إلى رعاية خاصة، و يعاني من تضخم في البروستاتا، إضافة إلى معاناته من مشاكل صحية في العظام وخضوعه في وقت سابق لعمليات جراحية.

عقب القبض عليه، في 21 مايو 2021، تعرض للاختفاء القسري لمدة 5 أيام تم خلالها استجوابه بشأن عمله السابق في وكالة الأناضول للأنباء التركية الحكومية. وتم حبسه في القضية رقم 238 لسنة 2021 حصر أمن دولة.

الكاتب الصحفي محمد سعد خطاب – 71 عامًا –  يحتاج أيضا إلى رعاية طبية خاصة، لأنه مريض بالضغط والسكر، فضلا عن أنه يعاني من قصور في الشريان التاجي مما استدعاه لتركيب 4 دعامات.

فضلا عن إجرائه عمليات من قبل في الرقبة والظهر، ولديه شرائح ومسامير بإحدى قدميه، وبحاجة لمتابعة طبية دورية ومجموعة أدوية معينة لاستقرار حالته الصحية.

الصحفي محمد سعد خطاب، محبوس على ذمة القضية رقم 2063 لسنة 2023 حصر أمن دولة، منذ القبض عليه من مكتبه بمدينة نصر، في 19 أغسطس 2023.

الحبس والتدوير

وبجانب حبس الصحفيين كنوع من التضييق عليهم، جرى أيضا تدويرهم على ذمة قضايا أخرى سواء خلال فترة حبسهم أو أثناء إخلاء سبيلهم، مثلما حدث مع المدون محمد إبراهيم رضوان الشهير بـ”محمد أكسجين”. ألقي القبض على أكسجين، في 22 سبتمبر 2019، أثناء تواجده بقسم شرطة البساتين؛ لتنفيذ التدابير الاحترازية المقررة عليه في قضية قديمة.

بعد القبض عليه، أصبح متهما في قضية أخرى تحمل رقم 1356 لسنة 2019 أمن دولة عليا، بتهمة “نشر أخبار كاذبة والانتماء إلى جماعة إرهابية.”

حصل على إخلاء سبيل من القضية رقم 1356 لسنة 2019، وجرى تدويره على ذمة القضية 855 لسنة 2020.

خلال حبسه، فوجيء بإحالته للمحاكمة، وقررت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، في 20 ديسمبر 2021، حبسه 4 سنوات على ذمة القضية رقم 1356 لسنة 2019 أمن دولة عليا.

 

صحفيات قيد الحبس

حبس الصحفيين لم يكن مقتصرا على الرجال فقط من أبناء المهنة، بل طال أيضا السيدات اللاتي يعملن بالمجال، بعضهن تجاوزن مدة الاحتياطي.

المصورة الصحفية علياء نصر الدين حسن، محبوسة على ذمة القضية رقم 451 لسنة 2014 حصر أمن الدولة العليا، بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية والترويج لأغراضها.

في 3 سبتمبر 2014، تم القبض عليها من محافظة الإسكندرية، وظلت مختفية لمدة شهر لتظهر بعدها على ذمة القضية المذكورة. وفي يونيو 2022، قضت محكمة جنايات القاهرة، على علياء بالسجن 15 عاماً.

وفي مايو 2022، ألقت قوات الأمن القبض على الصحفية دينا سمير، وتم حبسها على ذمة القضية رقم 440 لسنة 2022 حصر تحقيق أمن دولة، باتهامات نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

ومنذ القبض عليها وهي رهن الحبس الاحتياطي، ولكن في مطلع أكتوبر 2023 صدرت قائمة بإخلاء سبيل عدد من المحبوسين احتياطيا وكانت من بينهم الصحفية دينا سمير، قبل أن يعلن عدد من المحامين تعديل القائمة وعدم شمولها في قرار الإفراج.

وعلى ذمة القضية 441 لسنة 2022، ألقي القبض على الصحفية صفاء الكوربيجي، يوم 21 أبريل 2022. وكانت تعمل الكوربيجي صحفية بمجلة الإذاعة والتليفزيون، لكن تم فصلها في يناير 2021.

وفي نفس القضية، ألقت قوة أمنية القبض على الإعلامية هالة فهمي. وبعد أيام من الاختفاء ظهرت أمام نيابة أمن الدولة العليا، التي حققت معها بتهمة نشر أخبار كاذبة.

ومن منزلها بالتجمع الخامس، ألقت قوات الأمن القبض على منال عجرمة نائب رئيس تحرير مجلة “الإذاعة والتلفزيون” -61 عاما- في الأول من نوفمبر 2022.

ظلت مختفية لمدة يومين لتظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا على ذمة القضية رقم 1893 لسنة 2022، ولازال يتم تجديد حبسها. وتعاني من مشاكل بالعمود الفقري تتفاقم بسبب الإهمال الطبي.

حبس الناشر هشام قاسم

ومؤخرا، قررت محكمة جنح مستأنف القاهرة الاقتصادية، في 7 أكتوبر 2023، رفض الاستئناف المقدم من الناشر والسياسي البارز هشام قاسم على قرار حبسه. وأيدت المحكمة حبسه، لمدة 6 شهور مع الشغل وإلزامه بالمصاريف غرامة قدرها 20 ألف جنيه، و10 آلاف جنيه تعويض مدني.

وتعود أحداث القبض عليه، إلى يوم 20 أغسطس المضاي، حيث تم استدعاؤه لنيابة جنوب القاهرة الكلية، لسماع شهادته وأقواله في محضر رقم 5007 لسنة 2023 إداري السيدة زينب. على خلفية بلاغ من وزير القوى العاملة الأسبق كمال أبو عيطة يتهمه فيه بالسب والقذف.

قررت النيابة حينها، إخلاء سبيله بكفالة قدرها 5000 جنيه، لكنه رفض دفعها، ليفاجأ في اليوم التالي بالتحقيق معه في بلاغ آخر على خلفية بلاغ مقدم من ضابط شرطة واثنين من الأمناء.

حجب مواقع

إصدار قرار رسمي بحجب موقع صحفي أمر جديد على الصحفيين، خاصة وأن هناك العديد من المواقع الصحفية قد تعرضت للحجب من قبل، دون إعلان من جهة رسمية مختصة، دائما كان قرار الحجب من جهة مجهولة.

في 29 أكتوبر الماضي، قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إحالة “مدى مصر” للنيابة العامة، وحجب الموقع ورابطه الإلكتروني لمدة ستة أشهر.

وبحسب ما ذكره “الأعلى للإعلام” في بيانه، أن قرار الحجب جاء بسبب مخالفة موقع “مدى مصر” المادتين 6 و59 من القانون 180 لسنة 2018 حيث يعمل بدون ترخيص، ولنشره أخبارًا كاذبة دون التحري من مصادرها.

صدر قرار المجلس الأعلى للإعلام، بعد عقد جلسة استماع لرئيسة تحرير موقع “مدى مصر”، لينا عطا الله، على خلفية اتهام الموقع بـ”نشر أخبار كاذبة” في أحد التقارير الصحفية التي تناولت سيناريوهات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.

أيضا في 10 يونيو 2022، تعرض كل من الموقعين “السلطة الرابعة” و”مصر 360″ للحجب– بحسب ما أعلنه رئيسا التحرير – عندما حاولا الدخول إلى الموقع لكنهما لم يتمكنا وتواصلا على الفور بنقابة الصحفيين.

وعلى مدار السنوات الماضية، تحديدا منذ مايو 2017، اتجهت السلطات الأمنية في مصر إلى حجب المواقع الصحفية والحقوقية والمعارضة دون إعلان رسمي بذلك. ورغم لجوء بعضهم إلى القضاء في محاولة لرفع الحجب عنها، لكن ينتهي الأمر بأنها مازالت ممنوعة في مصر.

ومن جهتها، رأت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، أنه من الضروري مراجعة القوانين التي تفتح الباب للحَجب، في أقرب فرصة ممكنة لتوفير الحماية للمواقع الصحفية والعاملين بها.

خاصة وأن المادة 71 من الدستور تنص على أنه: “يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية، أو مصادرتها، أو وقفها، أو إغلاقها، ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زَمن الحرب أو التعبئة العامة. ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون”.

التضييق على منصة “متصدقش”

ومن حجب المواقع والتضييق عليها، إلى التضييق على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي التي تقدم مواد تحليلية وإخبارية، مثلما حدث مع الصحفي كريم أسعد، عضو فريق تحرير “متصدقش”، بسبب نشر المنصة أخبارا تخص الطائرة المصرية في زامبيا.

وألقت قوات الامن، القبض على الصحفي “كريم أسعد”، فجر السبت 19 أغسطس 2023، من منزله بمدينة الشروق، بعد مداهمة المنزل والاعتداء على زوجته وتم اقتياده لجهة غير معلومة. وبعد يومين من القبض عليه وانقطاع أي تواصل بينه وبين أسرته ومحاميه، أفرجت السلطات الأمنية عنه وعودته لمنزله بدون تحرير قضايا ضده.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى